أصبحت ظاهرة الـ «لايف كوتش» مهنة لكل من لديه إجازة، أو ليسن وشهادة تدريبية من خلال اتباع بعض الدورات القصيرة والسطحية، فيحصل على وسام مدرب حياة من خلال حضورها واجتيازها، وهنا تكمن الخطورة في عدم وجود ضوابط وقوانين تفرض وجوب الحصول على الشهادة العلمية وتخصصات أكاديمية محددة لهذا المجال أو ذاك، وكي يكون المدرب مؤثرا ويمتلك المزيد من القدرة على الإقناع، يجب أن يتمتع بـ «كاريزما» معينة كي يقنع الطرف الآخر ويكسب ثقته من خلال شهادته العلمية وثقافته المتطورة وقدرته على تقديم المعلومات بالشكل الأنسب.
وكل ذلك يصب في تحسين جودة حياة الأفراد بوضع الحلول لمعوقات حياتهم الشخصية أو الاجتماعية، والزوجية، الأسرية أو المهنية مع وضع خطة على مستويين قصيرة المدى وبعيدة المدى للتحفيز، وهذا ولن يأتي إلا مع المدرب صاحب الشهادة العلمية أولا، والخبرة الثقافية والحياتية ثانيا، ليكسب ثقة المتعثر والذي لجأ له طلبا للعون وإيجاد الحل لمشكلاته.
واكتساب المدرب لتلك المهارات يأتي من خلال الدورات التدريبية والندوات وورش العمل لاكتساب المزيد من المعرفة وتجديد وتطوير الذات للمدرب المعتمد بصلة مستمرة مواكبا الجديد من طرق الطرح والتدريس والنقاش لتساعد وتُعين المتعثر.
التقيت بعض السيدات اللاتي يُمارسن مهنة «مدرب حياة» من خلال منازلهن، ويتم دفع الرسوم لهن بنظام الساعات، وعلى سبيل المثال لا الحصر، كانت الوظيفة قبل التقاعد لبعض «اللايف كوتش» مُدرِّسة ديكور أو رسم (مواد فنية) ومعلمة وإعلامية وغيرهن الكثير.. إلخ، وذلك بعد مشاركتهن بدورة أو دورتين ولساعات قليلة أصبحن يستمعن لأدق أسرار الحياة وتفاصيل الأشخاص وأسرهم أينما كانت في الحياة وموقعها من الذين لجأوا لهن طلبا للمساعدة في حل معضلاتهم وتقوم المدربة المعتمدة بدورها بإسداء النصائح وعرض الحلول وفق مزاجها وبشكل عشوائي، وإيجاد الحلول العشوائية أو ضمن الإطار العام دون تفاصيل علمية أو بحث.
أصبحت هذه الوظيفة لمن لا وظيفة له وعيشا ومكسبا ماديا خاصة بعد التقاعد، حيث اتجه الكثير من الرجال والنساء لتلك الدورات البسيطة والسهلة والسريعة القصيرة وقتا والمربحة ماديا للانضمام إليها.
ولعل أغلب من قابلتهن لم أستشعر عمق المعلومة لديهن، وكأني أشاهد منظر نساء بجلسة «شاي الضحى» لكن المقابل مادي بدفع رسوم لتلك الحلقة النقاشية العصماء، الركيكة التي لا تستند للأسس أو المقومات الواجب أن يتمتع بها كل مدرب حياة أو مدرب معتمد فيصحح المسار.
نظرا لسهولة الحصول على هذا المسمى والفوز بشهادات وهمية المعنى سأختم مقالي بهذا السؤال، مادام الكل اتجه ليصبح مدرب حياة معتمدا، إذن من يكون المتلقي؟!
..ودمتم.