تميزت جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة في منطقة الخليج العربي بمجوعة من الإعلانات الاقتصادية الإستراتيجية، مما أظهر عمق التعاون في العديد من القطاعات مثل الطيران والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الدفاع. لعب قادة المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة دورا محوريا في هذه المناقشات، حيث وقعوا اتفاقيات تاريخية تعكس طموحات بلدانهم في التنويع الاقتصادي والريادة التكنولوجية. وتشير هذه الخطوات إلى زخم متزايد في المنطقة لتوسيع الشراكات العالمية، ووضع منطقة الخليج العربي في طليعة الابتكار.
وفي خضم هذا التحول الديناميكي، تواصل دولة الكويت اتباع مسار ثابت ومدروس في السياسة الخارجية، وهو مسار متجذر في مبادئها الراسخة بالتوازن والديبلوماسية المستدامة، ويعكس هذا الموقف الشعور الراسخ والقوي في الهوية الوطنية الكويتية. على مر السنين، طورت الكويت نموذجا فريدا للحكم والديبلوماسية، يفضل اتخاذ القرارات بالتشاور والتعامل الدقيق مع الديناميكيات الإقليمية المعقدة، وكذلك مع الحفاظ على القيم الثقافية والدينية. هذا الإيقاع المتزن ليس ترددا، بل هو إرث عريق. ففي حين سعت دول أخرى في المنطقة إلى إعادة ترتيب أوضاعها الاقتصادية، تعطي قيادة الكويت الأولوية للتماسك الداخلي والسياسات الهادفة وطويلة الأمد، وتعزز باستمرار التزامها بالاستقرار الوطني طويل الأمد والمرونة الاستراتيجية.
كما تواصل السياسة الخارجية الكويتية التزامها الراسخ بالقضية الفلسطينية، مما يعكس مبدأ وطنيا راسخا للعدالة والتضامن والإصرار لإحراز تقدم جوهري في مجال الحقوق الفلسطينية، وأيضا تصر الكويت على أن أي تحولات ديبلوماسية يجب أن ترتكز على حل عادل ومستدام. ويعتبر هذا الموقف الثابت جزءا من التزام الكويت الأوسع بالديبلوماسية الإنسانية والاستقرار الإقليمي، ومؤكدا على أن السلام الدائم يجب أن يقترن بالحل العادل والشامل للقضية بما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وقد جددت هذه الرسالة خلال مناقشات الاجتماع الأخير الذي عقد ضمن زيارة الرئيس ترامب، مما يعكس التزام الكويت المستمر بهذا المبدأ، ويتماشى هذا مع تاريخ الكويت العريق في الوساطة والقيادة الإنسانية، المستوحاة من إرث أسلافها.
في أوقات التحول السريع، تذكرنا الديبلوماسية الكويتية الحذرة بأن التقدم يمكن أن يتخذ أشكالا متعددة، وأن القيادة المستدامة لا تبنى على السرعة فحسب، بل على المبدأ أيضا. مع ذلك، فإن نجاح شركاء الخليج في إبرام صفقات كبرى وتطوير البنية التحتية التكنولوجية يمثل مكملا قويا للنهوض الجماعي للمنطقة. وكما ذكر أحد القادة، فإن تقدم الدول المجاورة يسهم جزئيا في تقدم الأمة، بينما تلعب كل دولة دورا حيويا فريدا.
dr_randa_db@