بعد اكتمال إنشاء مصفاة الزور، والبدء بالتشغيل الكامل لها، حيث تشرف المشروع بحضور صاحب السمو أميرنا وقائد نهضتنا الشيخ مشعل الأحمد، حفظه الله، بإدارة عجلة التشغيل الفعلي والكامل للمصفاة بيديه الكريمتين، هذا المشروع العملاق الذي يعد من أكبر المصافي العالمية، والذي جعل من الثروة الأحادية (البترول)، ثروات وأصنافا متفرقة ومتعددة، لكل منهما قيمته وزبائنه، عدا كون المصفاة من أحدث التكنولوجيا العالمية، والصديقة للبيئة ولا تلوث الارض والسماء. لن أتكلم بلسان العارف بالأمور الاقتصادية أو العلمية أوالسياسية، لكني سأتكلم بلسان أجدادي وجداتي، رحمهم الله جميعا، والذين لا يعرفون من العلم إلا قراءة القرآن، تلاوة الحافظ، حيث كانوا يقرأون بقلوبهم وليس بأبصارهم.
تخيلت لو كانوا على قيد الحياة لفرحوا كما فرحوا بإنشاء مصفاة تحلية ماء البحر بالشويخ في بداية عهد المرحوم الشيخ عبدالله السالم مباشرة 1951 وتم التشغيل الفعلي عام 1953 وكانت البذرة الاولي للاستقلال حيث كان شعب الكويت يشتري ماء الشرب من شط العرب والذي يهدر ماؤه بالبحر، فيعبئه وينقله بسفنه إلى الكويت، دون نظافة او تعقيم، بما في ذلك من خطورة، لذلك كانت مصفاة تحلية ماء البحر نقله حضارية وانسانية ووطنية واستقلالية، ننعم بها حتى يومنا هذا نشرب ونزرع ونلهو بنوافير وشلالات وأحواض سباحة.
تخيلوا كم كانت فرحة أجدادنا بوفرة الماء، بعد أن كانوا ينتظرون على السيف (الساحل) أبوام (سفن) الماء تصل من الخارج لتطفئ الظمأ.
تخيلت كيف سيفرح ويسعد أجدادنا لو كانوا على قيد الحياة بإنشاء مصفاة الزور والبدء بتشغيلها، حيث سيقول أحدهم: يكفي أن نشعر بالرضا بأننا أبناء بررة لأمنا الكويت تعطينا ونعطيها، أي نمتص من قلب رمالها رحيق الحياة (البترول) ثم نعيده لها إعمارا وتنمية فوق ترابها، ويقول الآخر: يكفي أننا لا نبيع سلعتنا بالجملة، ونعود نشتريها بالمفرق (مشتقات البترول) بأغلى من بيعنا، ويقول آخر: يكفي أننا بيدنا مفاتيح تشغيل معداتنا وكل آلاتنا بوقود وزيوت وتشحيم من صنعنا وكل وسائل الصيانة من انتاج بلدنا لا تؤثر فينا مشاكل الاستيراد أو سلامة وسائل النقل.
ويقول جدنا الاكبر، رحمهم الله جميعا، أحسنتم، وان كان للكلام بقية فأقول: بما أن البترول سلعة إنسانية كالهواء والماء يحتاجها كل البشر وبما أن الله خصنا ورزقنا بوجودها بأرضنا، فيحتم علينا مراعاة حوائج البشر. لذلك يجب أن نعطي ونعيد لأرض الكويت حقها.
ولنا من دول الجوار الغنية مثال، فهي تسابق الزمن، وكثرة تنفيذ مشاريعها وطموحها دليل لقوة نشاط الحكومة وفعاليتها واستعانتها بكل مقاولي العالم.
وفى نهاية «تخيلي» وحواري مع أجدادي أهل الكويت، رحمهم الله، شعرت برضائهم واطمئنانهم، وشعرت أنا بنشوة الأمل والسعادة والطموح وتحقيق الاحلام بما أراه وأسمعه في هذا العهد المجيد، عهد والدنا وقائدنا أميرنا المفدى صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد، حفظه الله وأعانه وسدد على درب الاصلاح والعمار خطاه.
s.sbe@hotmail.com