لبنان بجباله، بسهوله، بأرزه، ببحره ونهره، وكأنه ينطق، و«يتكلم عربي»، قائلا: «هذا ما جناه علي الغرباء، وما جنيت على أحد»، فتحت أبوابي للجميع، سكنا، وعملا، ولجوءا، رفعت سقف الحرية عاليا للجميع، كنت مثالا للديموقراطية، وواحة للرفاهية، ومصحا للنقاهة والاستشفاء، ومنبعا للفن والجمال، فماذا حدث…؟!
أنـــا لم أتغير.. فجبالي راسخة، وسهولي ثابتة، وشجر الأرز والصنوبر مازالت شامخة، وطيور الوروار بسمائي سابحة، أنا أرض السلام، لمن يحب السلام، إن كانت الأرض جمادا لا عقل لها، فأنتم الأحياء، وأنتم أصحاب العقول، بكم تعمر الأرض، وتزدهر الحياة.
إلى جميع اللبنانيين.. اجعلوا لبنان أولا وثانيا وثالثا، لا انتماء إلا له ولا صوت يعلو عليه، ولا هدف أغلى من لبنان، ابدأوا بلبنان وانتهوا به، إن كنتم تريدون رغد العيش، ونعمة الأمن والأمان، وتحققوا أمانيكم بالمال والأهل والولد.
أنا الوطن، أنا لبنان عندما كان هوائي نقيا، وسمائي أزرق، وغيومي بيضاء، وبساطي أخضر، كنت سويسرا الشرق، ومركزا للمال والأعمال، أنا أول المؤسسين لجامعة الدول العربية، مع أشقائي العرب، يقولون أوطان العرب كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء، ولكن لم يفهم أبناؤنا تفسيرا لهذا التشبيه «الجسد» فالجسد يتكون من الرأس وحواسه، والقلب، والذراعين، والرجلين…إلخ، ولكل منها وظيفته، فمثلا نقول «مصر قلب الأمة العربية» والشام الرأس، ولبنان العين واللسان، لذلك حين تتعارك الأجساد، تكون وسيلة العراك بالأيادي والأرجل، وتكون العين غالية، نبعدها عن العراك خوفا عليها، ولكن المعادلة انقلبت عندنا، وجعلنا أغلى وأهم ما في الجسد ساحة لمعارك كل الأطراف، ومنبعا للفتن.
إن العين «لبنان» لم تخلق للحروب، بل لسحر العيون، إنها نعمة الله في أرضه، لها من المواصفات ما يستلزم العناية والمحافظة عليها، مثلما نحافظ على عيوننا الصغيرة بالحجم، الكبيرة بمنفعتها، تسر الناظرين، وتنذر الحاقدين.
وحتى تستشعروا بما أقول انظروا الى الجسد العربي وما يحدث به من معارك، لكن ألم العين «..» أشد إيلاما.
مازال تراب لبنان «يتكلم عربي» مرددا قول الشاعر:
كونوا جميعا يا بني إذا اعترى
خطب ولا تتفرقوا آحادا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا
وإذا افترقن تكسرت أفرادا
وطن يناشد أبناءه أن اتحدوا كالحزمة القوية ولا تتفرقوا فتنكسروا، لبنان يستاهل واللبنانيين يستاهلون، فتنازلوا عما في رؤوسكم من عصبية، واتركوا لبنان يعيش ويخضر ويزهر لتطيب لكم الحياة، وتسعد أعماركم.
حفظ الله لبنان من شرور الأشرار وجعله واحة أمن وأمان لكل البشر.
s.sbe@hotmail.com