منذ عام 2007 يعيش قطاع غزة تحت حصار إسرائيلي خانق، حوّل المنطقة إلى سجن مفتوح يقطنه أكثر من مليوني إنسان، لا كهرباء مستقرة، لا مياه صالحة للشرب، لا حرية تنقل، لا اقتصاد حقيقيا، ولا حتى أدنى مقومات الحياة الكريمة، كل ذلك تحت أعين العالم، وداخل صمت دولي يزداد ثقله مع مرور السنين.
الحصار ليس مجرد منع للسلع أو إغلاق للمعابر، أو تقييد لحركة البضائع والأشخاص، بل سياسة ممنهجة لكسر إرادة شعب بأكمله، الكهرباء لا تصل إلا ساعات معدودة، المياه غير صالحة للشرب، الخدمات الصحية تنهار، المستشفيات تعمل بما توفره من فتات، والأدوية تحسب بالقطرة، الاقتصاد مشلول، الطلاب يمنعون من السفر والمرضى يموتون على المعابر، والصيادون يطاردون في بحرهم، ومعدل البطالة يقترب من 50%، أما الأمل فقد أصبح سلعة نادرة يتداولها الناس بين جدران من الانتظار، هل يعقل أن يتحول البقاء إلى مقاومة يومية؟
ما يحدث في غزة اليوم ليس «أزمة» كما تصفه بعض الجهات، بل جريمة طويلة الأمد ترتكب بحق شعب أعزل، يحاسب جماعيا على خيارات سياسية لا يملك معظم سكان القطاع فيها يدا، فكيف يعقل أن يعاقب طفل لم يتجاوز العاشرة لأنه ولد في غزة؟
ورغم كل شيء، تقف غزة شامخة، تعلمنا كل يوم درسا في الصبر، وفي رفض الاستسلام، شبابها يبدعون، يكتبون، يدرسون، ويواصلون الحياة رغم الخراب، ومع ذلك تبقى الحقيقة مرة، لا يمكن أن تستمر الحياة تحت الحصار، ولا يمكن للسلام أن يولد من رحم الظلم.
العالم مطالب اليوم، قبل الغد بكسر صمته، رفع الحصار عن غزة ليس مطلبا إنسانيا فحسب، بل ضرورة أخلاقية وسياسية، لأن استمرار الحصار يعني استمرار الجرح الفلسطيني المفتوح، ويعني أن الإنسانية ما زالت تنتهك على مرأى من الجميع.
فإلى متى؟
إلى متى يترك طفل بلا دواء؟
إلى متى تُدفن الأحلام تحت الأنقاض؟
إلى متى يُعاقب شعب فقط لأنه يطالب بحقه في الحياة؟
Samiraalkandari24@gmail.com