منذ اللحظة التي أقلعت فيها الطائرة بنا من الكويت، شعرت بأن هذه الرحلة ستكون مختلفة، كنت متحمسة لأن أشارك مع نقابة الفنانين والإعلاميين هذه التجربة، ومعي مجموعة من الفنانين والمصورين الذين أعتبرهم إخوة قبل أن يكونوا زملاء، لذلك لم تكن الرحلة مجرد رحلة عابرة بل كانت تجربة غنية جمعت بين الفن والإعلام والتاريخ، منذ اللحظة الأولى التي بدأنا فيها التحرك نحو هذه المدنية الساحرة، كان في داخلي شغف كبير لاكتشاف جمال الطبيعة وعراقة الأماكن التراثية.
وعندما وصلنا إلى صلالة، استقبلتنا الطبيعة بأجمل صورها، الهواء عليل ورائحة المطر تعبق في المكان، وكأن السماء كانت ترحب بنا، شعرت أنني في لوحة مرسومة بعناية، تنتظر فقط من يضيف عليها تفاصيله الخاصة.
وفي صباح اليوم الثاني، انطلقنا مع المصورين والرسامين نستكشف المواقع الأثرية، وأنا أراقبهم بشغف، كان المصورون يركضون وراء الضوء ليلتقطوا أجمل لحظة، بينما الرسامون يجلسون بهدوء طويل أمام مشهد طبيعي، وكأنهم يستمعون لحديث سري بين الجبل والسحاب، وأنا أتنقل بينهم، أكتب ملاحظاتي وأحاول أن أرى بعيني كل زاوية يختارونها، كنا جميعا نكمل بعضنا البعض، ننقل مشاعرنا وانطباعاتنا بطرق مختلفة، لكنها تتوحد في النهاية في حب المكان، وعندما كنا نعود مساء، كان كل منا يحمل بين يديه شيئا جديدا، صورة، لوحة أو فكرة لم تكتمل بعد، كنت أرى في عيونهم ذلك البريق الذي يوحدنا جميعا، إنه بريق الفن.
وبعد ذلك مررنا بآثار قديمة تحمل في صمتها قوة التاريخ، حيث كانت الجدران تروي قصص أجيال مضت، وحيث الطبيعة تحيط بالآثار وكأنها تحرسها من زمن، وجبال مكسوة بالخضرة وعيون مائية تتدفق بلا توقف، كنت أشعر أن كل مكان يهمس لنا بقصة، لذلك وقفت متأملة أمام تلك المشاهد، متسائلة: كيف اجتمع الجمال الطبيعي مع الإرث التاريخي ليصنعا لوحة فريدة لا تنسى؟، ونحن كفنانين وإعلاميين نلتقط هذه القصص لنحملها معنا إلى الكويت.
ففي إحدى اللحظات، جلست على صخرة عالية، أنظر إلى الأفق البعيد، تذكرت حينها أن هذه الرحلة ليست مجرد استكشاف، بل هي جسر بيننا وبين هذه المدينة الجميلة، فرحلتي إلى صلالة ستظل محفورة في ذاكرتي لأنها جمعت بين الفن والسياحة والثقافة، وفي الحقيقة أن «صلالة» ليست مجرد مدينة نزورها، بل قصة نعيشها، ومع كل خطوة كنت أكتب في ذاكرتي سطرا جديدا من هذه القصة التي ستظل عنوانها: «صلالة في عيون كويتية».
Samiraalkandari24@gmail.com