أسهمت الرابطة النووية العالمية كمنظمة دولية متخصصة في نمذجة الاقتصاد النووي عبر تبنيها برامج تنمية وتطوير السياسات الصناعية الدولية للطاقة النووية، والإشراف العام على التخطيط التنسيقي بين شركات الدول لاعتماد مشاريع الاستثمار والإنتاج والتبادل التقني في هذا القطاع المضاد لموجة التغيرات المناخية، كنقطة تحول مفصلية في تطوير حركة نمو الاقتصاد الأخضر العام الدولي، لقدرتها على خلق أسواق جديدة تسهم في تقليل الانبعاث الكربوني تحركها قوى العرض والطلب والمرتبطة بالعمليات التعدينية والتصنيعية والتشغيلية، كاستيراد وتصدير عناصر المعادن المشعة والمواد الخام والسلع الوسيطة والمتباينة الأخرى الداخلة في هذه الصناعة، ودون إخلال بمفهوم الديموقراطية في الاقتصاد الدولي المبني على الحرية المسؤولة في ممارسة الأنشطة الاقتصادية المراعية للنظام العام الدولي بإطاره التشريعي الموازن للمصالح المتعارضة بين الدول والداعم لقوى المعرفة الرائدة في الثورات الصناعية المتعاقبة والمحركة لعناصر الانتاج.
وهذا يبرر حرص الدول الحائزة التقنيات النووية على تطبيق الضمانات الطوعية التي أبرمتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من سير أنشطتها وفقا لإعلان الذرة مقابل السلام.
رغم ذلك نجد أن روسيا سعت من خلال شركاتها الرائدة عالميا في حقل إنشاء وتشغيل المحطات النووية إلى تصدير تلك التقنيات المبتكرة للعديد من الدول منذ بداية خمسينيات القرن الماضي، على غرار الحادث في كوريا الشمالية بعد انفصالها عن نظيرتها كوريا الجنوبية، والتي تمكنت من إقامة منشآتها النووية المتطورة بدعم من روسيا الاتحادية لتمتلك اليوم كبرى المفاعلات النووية عالية الكفاءة في انتاج القنابل الذرية ووحدات الكهرباء. بالإضافة إلى دول أخرى، قد حظيت باهتمام الكرملين لها رغم ما تملكه من إمكانيات محدودة وبنى تحتية بسيطة، لتطلق بها المشروع النووي البيئي لإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية كما في دولة بنغلاديش، والتي قد تمتد ذروة الاستفادة القصوى من هذا المشروع في القطاع الطبي والصناعي ليعزز بذلك تسارع نموها الاقتصادي.
فبناء المحطات النووية هو صناعة متكاملة تشمل جملة من العقود الإنشائية الأساسية، والخدماتية المتعلقة بتوريد الوقود النووي اللازم لتشغيلها، وأعمال الصيانة الدورية لضمان استمرار عملها بفاعلية إلى جانب عقود تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية للعمل في تلك المحطات، مما يجعل تلك المشاريع الحيوية المتعلقة بالطاقة النووية جاذبة للدول الكبرى النووية الأخرى التي أصبحت تنافس الروس في استقطابها، لما لها من عوائد اقتصادية متدفقة، بالإضافة إلى ما تمنحه تلك الصناعة النووية من نفوذ ومكانة سياسية دولية للقائمين عليها وللحائزين تلك المشاريع.
tahanihuman@gmail.com