تمتد خطة الأمم المتحدة لتنمية الدول المستدامة إلى جميع أضلعها الهيكلية لتشمل «اليونسكو» بشبكاتها المدنية التي تتبنى استراتيجيات إبداعية وسياسات ثقافية متنوعة تعكس رؤى الماضي والحاضر والمستقبل لأنماط الحياة البشرية المتعاقبة، لتصنع مزيجا عالميا من الإرث الثقافي الإنساني المتمثل بالفنون المتباينة والتكنولوجية الحيوية والرقمية المتطورة المساهمة في استدامة تنميتها الحضرية، لتصنع بذلك مدنا إبداعية متناغمة من الحرف اليدوية والفنون الشعبية والتصميم العمراني والفنون الإعلامية والموسيقية والرقمية والأدب، قادرة على كسر الجمود في الحركة الثقافية بين الشعوب القاطنة والمستحدثة لتتجاوز الحدود الجغرافية والعوائق الاقتصادية للاندماج العالمي.
فالمدن المبدعة هي نتاج الابتكار الإنساني التي دأبت «اليونسكو» على احتضانه وتيسير انتشاره، كرمز لنجاح إنساني صامد في ظل ذروة زمرة التحديات التي كانت تعرقل استمراره، لتضم اليوم عددا من المدن العربية كمدينة دبي الإبداعية في التصميم، والشارقة في الفنون المعاصرة والفنون الإسلامية، ومدينة الأحساء في الفنون الشعبية والحرف اليدوية، ومدينتي الطائف ودمشق ذواتي الغنى الثقافي في مجال الأدب، إلى جانب عدد من المدن الإبداعية الفلسطينية كمدينة الخليل التراثية المعروفة بالحرف اليدوية والفنون الشعبية، ومدينة بيت لحم في الصناعة الفنية والتكنولوجية الرقمية. بالإضافة إلى الجمال الموسيقي في مدينة الصويرة الإبداعية التي ستستضيف مؤتمر اليونسكو للمدن الإبداعية لعام 2026، في حدث دولي مهم يعزز من ريادة الأعمال في الصناعات الثقافية الإبداعية كرافد مستدام في الاقتصاد الدولي المرتبط بالجانب المعرفي والحسي الإنساني. لذا سعت «اليونسكو» من خلال مبادرات عملية مشتركة مع البنك الدولي الى تنشيط القطاع السياحي لتلك المدن وتنميتها، وتشجيع المدن الأخرى على الابتكار لترسيخ مكانة التنوع الثقافي المرتبط بمفهوم التعددية في المجتمعات الدولية ونقلها كتجارب إنسانية ملهمة تبني جسور الأمن والسلام العالمي.
«لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام» ـ أودري أزولاي - مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة
tahanihuman@gmail.com