شهد موسم حج هذا العام نجاحا باهرا بكل المقاييس، عكس مستوى الجاهزية والتنظيم العالي الذي أولته حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بالمملكة، الذين جعلوا خدمة ضيوف الرحمن أولوية وطنية سامية، تتصدر اهتمامات الدولة بكل أجهزتها وقطاعاتها.
النجاح لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة خطط استراتيجية انطلقت منذ انتهاء موسم الحج السابق، حيث عملت الجهات المعنية بتناغم عال على تطوير منظومة الخدمات المقدمة، سواء على صعيد البنية التحتية، أو الخدمات الصحية، أو التقنية، أو الأمن والسلامة.
وقد سخرت المملكة أكثر من 250 ألف موظف ومشارك من مختلف القطاعات الحكومية والأمنية والصحية والخدمية، يعملون على مدار الساعة لضمان راحة الحجاج وسلامتهم، إلى جانب آلاف المتطوعين الذين شاركوا بروح المسؤولية.
من أبرز عوامل النجاح في حج هذا العام الاستخدام الواسع للتقنيات الذكية، فقد واصلت وزارة الحج والعمرة وهيئة الذكاء الاصطناعي تطبيق أنظمة إلكترونية متقدمة لرصد حركة الحشود، وتوجيههم، وتوزيعهم بما يمنع التكدسات، لاسيما في المشاعر المقدسة كمنى ومزدلفة وعرفة.
كما ساهمت التطبيقات الرقمية في تسهيل تنقل الحجاج وتحديد جداولهم، فيما لعب تطبيق «نسك» الذكي دورا محوريا في تنظيم دخول الحجاج إلى المواقع المختلفة ومتابعة حالتهم الصحية.
وفي الجانب الصحي، نجحت وزارة الصحة السعودية في تنفيذ خطة طبية متكاملة شملت نشر أكثر من 30 مستشفى و140 مركزا صحيا في مكة والمشاعر المقدسة، بالإضافة إلى فرق طوارئ متنقلة وطائرات إخلاء طبي.
ورغم الأجواء الحارة، لم تسجل حالات وبائية مقلقة، ما يدل على نجاح الإجراءات الوقائية، والجهوزية العالية لمراقبة الحالات وعزلها حال رصد أي مؤشر خطر.
وشهد موسم الحج هذا العام استقرارا أمنيا متميزا، حيث انتشر عشرات الآلاف من رجال الأمن في المواقع كافة لضمان انسيابية التنقل، وتطبيق التعليمات التنظيمية، ومنع التجاوزات، ما أسهم في مرور الأيام العشرة بلا حوادث تذكر، وهو إنجاز يحسب لمنظومة الأمن العام والدفاع المدني.
وقد أشادت العديد من البعثات الرسمية ووسائل الإعلام العالمية بالتنظيم الفائق، مؤكدة أن ما تقوم به المملكة العربية السعودية لا يمكن لأي دولة أن تنجزه على هذا المستوى من الدقة والخدمة والكرم.
وقد تحدث عدد من الحجاج من دول عربية وإسلامية عن إعجابهم الشديد بسرعة الإجراءات، ونظافة المواقع، والتعامل الإنساني من رجال الأمن والمتطوعين، ما يعكس عمق الرسالة التي تحملها المملكة تجاه خدمة الحرمين الشريفين.
من الواضح أن نجاح الحج هذا العام يرتبط أيضا برؤية المملكة 2030 التي تضع تحسين جودة الحياة وتعزيز كفاءة الخدمات العامة في قلب أولوياتها. وقد تجلى ذلك في مستوى الخدمات الرقمية، والبنية التحتية المتطورة، والتنظيم الدقيق الذي لمس في كل تفاصيل الحج.
كلمة أخيرة: بنجاح موسم حج 1446هـ، تثبت المملكة العربية السعودية مرة أخرى قدرتها الفــائقة على إدارة أكبر تجمع بشــري في العالم بكفاءة استثنائية وروح خادمة للحرمين. ويظل توجيه خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين هو البوصلة التي تسترشد بها كل الأجهزة، لتتحول كلمات «شرف خدمة الحجاج بيسر وطمأنينة» إلى واقع ملموس يفخر به كل سعودي.
gstmb123@hotmail.com