تمر علينا هذه الأيام ذكرى الغزو العراقي الغاشم على الكويت، ذلك الحدث الذي لا يزال محفورا في وجدان الأمة، لا بوصفه جرحا نازفا، بل كعنوان لصمود شعب آمن بحقه، وقيادة أثبتت للعالم أن السيادة لا تساوم، وأن الكرامة لا تشترى.
لكن ما يلفت في هذه الذكرى أن الكويتيين، وهم يستعيدون تفاصيل الفاجعة، لا يقفون عند حدود الألم، بل ينظرون إلى الأمام، إلى بناء الدولة، إلى نهضة بدأت فور التحرير ولم تتوقف، لقد تحول الحدث من مأساة إلى محطة وعي ودرس عميق في معنى الوطن والانتماء.
الكويت اليوم، ورغم أي تحديات ماضية، في تنفيذ رؤيتها التنموية، مواصلة تعزيز بنيتها التحتية، وتطوير بيئتها الاستثمارية، وتعزيز دور الشباب في ريادة المستقبل. فجيل ما بعد الغزو، الذي لم يعش ساعات الخوف، هو نفسه الجيل الذي يبني الآن على تضحيات من سبقوه، ممن دفعوا أرواحهم ثمنا للحرية والكرامة.
وفي هذا السياق، كنت قد كتبت في «الأنباء» قبل عدة سنوات مقالا طالبت فيه بإنشاء متحف إلكتروني يوثق الغزو وآثاره، يكون موجها إلى الجيل الرقمي الجديد، ليعيش بالصورة والصوت والوثيقة حجم الكارثة التي عصفت بالكويت، وليدرك عظمة استردادها لسيادتها بعزم أبنائها وتكاتف أمتها.
إن استذكار الغزو العراقي وتأثيراته اليوم ليس لإعادة تأجيج الأحزان، بل لتأكيد أن الكويت لا تنسى، ولا تقهر، وأنها مهما واجهت من صدمات، تخرج منها أكثر صلابة، وأكثر شغفا بالحياة.
فـالـذكرى ليست مجرد وقفـة حـزن، بــل إعلان متجدد بأن الكويت، التــي قاومت الدمار، قادرة على صياغة مستقبلها بإرادة لا تلين، وهمة لا تنكسر تحت قيادة تبادل شعبها الحب بالحب والوفاء بالوفاء.
gstmb123@hotmail.com