بعد أكثر من ثلاثة أشهر على تطبيق قانون المرور الجديد في الكويت، ورغم الحزم الواضح في العقوبات والرسوم، إلا أن الإحصاءات الرسمية تكشف عن مشهد مقلق، حيث تم رصد أرقام عالية جدا للمخالفات المرورية خلال هذه الفترة، منها عشرات الآلاف تتعلق بتجاوز الإشارة الحمراء واستخدام الهاتف أثناء القيادة والسرعة الزائدة.
هذه الأرقام وإن بدت للوهلة الأولى دليلا على فاعلية الرقابة، فإنها في الوقت ذاته تثير تساؤلات حقيقية حول مدى تأثير القانون على تغيير سلوك السائقين، فالقانون ليس مجرد قائمة غرامات، بل وسيلة لضبط ثقــافة مرورية متكاملة، تبدأ مـــن الوعي وتنتهي بالانضباط.
من الناحية التحليلية، فإن ارتفاع عدد المخالفات قد يكون مؤشرا إيجابيا في بدايته، لأنه يظهر أن الرصد الإلكتروني وتطبيق القانون بدأ يؤتي ثماره، ويكشف حجم التجاوزات الفعلية التي كانت تغيب عن الرقابة. لكنه في المقابل، يبرز الحاجة إلى شق مواز من العمل، وهو تكثيف التوعية، وربط القيادة بالسلوك الحضاري، وليس فقط بالخوف من العقوبة.
الجدوى الحقيقية للقانون الجديد ستظهر تدريجيا حين نبدأ نلحظ انخفاضا ملموسا في الأرقام، وتحولا واضحا في عقلية السائق، لا بفعل الرادار، بل بدافع المسؤولية.
إن التحدي الأكبر اليوم هو بناء «ثقافة مرورية جديدة»، تسهم فيها وزارة الداخلية بالتعاون مع الإعلام، والمدارس، والمجتمع المدني، لترسيخ مفاهيم القـيادة الآمنة كــجزء مــن المواطنة الصالحة، لا كحـــالة مؤقتة تفرضها الكاميرا والمخالفة. فالردع وحده لا يكفي، ما لم يقترن بإصلاح السلوك وتفعيل الرقابة الذاتية.
gstmb123@hotmail.com