في اليوم الوطني السعودي الخامس والتسعين، تبدو المملكة العربية السعودية كمن يكتب فصلا جديدا في تاريخ المنطقة، بفكرة واضحة وإرادة صلبة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان.
جوهر الحكاية هو «رؤية 2030» التي صاغت إطارا تنمويا بثلاثة أعمدة (مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح)، خريطة طريق تحول الطموح إلى مؤشرات قابلة للقياس والإنجاز.
خلال أقل من عقد، قفزت المملكة إلى الواجهة سياحيا بعدما كسرت حاجز 100 مليون زيارة في عام 2023، وهو إنجاز حظي بإشادة «منظمة السياحة العالمية» و«المجلس العالمي للسياحة والسفر»، ورفع سقف الطموح باتجاه أرقام أكبر في 2030.
لم يعد الحديث عن الضيافة السعودية مجرد شعار بل صناعة متكاملة تمتد من العلا إلى البحر الأحمر، وتدار بمنهج تسهيلي ذكي في التأشيرات والبنية التحتية والخدمات.
يتعزز هذا الزخم بملف التمكين الاجتماعي والاقتصادي إذ ارتفعت مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل إلى نحو 36% في 2024، وهي قفزة نوعية تترجم في ريادة الأعمال والقطاعات الجديدة، وبالتوازي، تراجع معدل البطالة الكلي إلى 4.4% في الربع الرابع 2023، وانخفضت بطالة السعوديين إلى 7.7%، ما يعكس فاعلية برامج السعودة في التدريب والتوطين وحفز الاستثمار.
اقتصاديا، لم تعد القصة قصة نفط فقط فالتحديث الإحصائي الرسمي كشف أن الناتج المحلي الإجمالي لعام 2023 بلغ 4.5 تريليونات ريال، مع ارتفاع مساهمة الاقتصاد غير النفطي إلى 53.2%، اتساع في قاعدة الإنتاج يدعمه نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة والقطاعات الخدمية والصناعات الواعدة.
وعلى الضفة الاستثمارية، يواصل «صندوق الاستثمارات العامة» دوره كرافعة للتنويع، مع أصول مدارة بلغت 913 مليار دولار بنهاية 2024، مستثمرا في بنى تحتية وقطاعات مستقبلية تعزز تنافسية المملكة.
في الطاقة الخضراء، تتقدم السعودية بخطى عملية كدخول محطة «سدير» الشمسية (1.5 غيغاواط) الخدمة كأكبر مشروع شمسي في المملكة، وإطلاق مجمع الهيدروجين الأخضر في نيوم لإنتاج حتى 600 طن يوميا من الهيدروجين الأخضر على هيئة أمونيا.
حلول انتقال الطاقة تقلص الانبعاثات وتفتح سلاسل قيمة جديدة، هذه المشاريع، إلى جانب «القدية» و«الدرعية» و«البحر الأحمر» و«العلا»، تشكل شبكة من «المشاريع الكبرى» التي تمزج بين الهوية السعودية وأفق الابتكار.
هكذا، تأتي الذكرى الخامسة والتسعون ليس للاحتفاء بالماضي فحسب، بل لتأكيد أن المملكة بقيادتها الرشيدة ورؤيتها الواضحة تستثمر في الإنسان قبل المكان، وتعيد رسم دورها الإقليمي والعالمي.
إنها قصة دولة تحول الرؤية إلى واقع، والفرص إلى إنجازات، وتبني مستقبلا يليق بطموح شعبها.
gstmb123@hotmail.com