حين سقطت الصواريخ الإيرانية قرب الدوحة، لم تكن المسافة هي ما أقلقنا نحن أبناء الكويت، بل التوقيت، والدلالات، وطبيعة الرسائل السياسية الملغمة خلف «هجوم رمزي» على قاعدة عسكرية أميركية تعد من أبرز ركائز الأمن الإقليمي، الموقف الكويتي لم يحتج إلى تأخير أو تأويل: إدانة واضحة للهجوم، دعم مباشر لقطر، والتأكيد على رفض انتهاك سيادة أي دولة خليجية.
أصدرت الكويت بيانا حاسما يدين الهجوم ويعتبره مساسا باستقرار المنطقة، لم يكن الصوت الكويتي مرتفعا على طريقة «التهديد والوعيد»، بل جاء في إطار ديبلوماسي يعرف حجمه ومكانته ويخاطب إيران بلغة اتسمت باتزان لا يعني حيادا سلبيا، بل انحيازا حكيما لمبادئ السيادة والاستقرار.
ما يجمع الكويت بقطر ليس مجرد عضوية في مجلس التعاون، بل ذاكرة مشتركة من الصدمات والأزمات، وتكافل واضح في السياسة والموقف، إدانات الكويت لم تكن منفردة، بل صدرت ضمن تكتل خليجي عريض أعاد التأكيد أن أمن قطر هو جزء لا يتجزأ من أمن الكويت، الإشارة كانت واضحة: الخليج يقف صفا واحدا أمام أي اعتداء، حتى وإن كانت الصواريخ «لا تستهدفها مباشرة».
الكويت، كما عهدها الجميع، لا تنساق مع موجة التصعيد، لكنها لا تقف موقف المتفرج، علاقاتنا مع إيران ليست عداوة، بل جيرة جغرافية معقدة تتطلب سياسة متزنة، لكن حين تصل الرسائل النارية إلى سماء قطر، يكون من الطبيعي أن نغلق أجواءنا مؤقتا، ونرفع الإجراءات الأمنية، ونعيد قراءة المشهد، ونقول لطهران: ليس بهذا تبنى الجسور.
إن ما فعلته الكويت في هذا الموقف يرسخ دورها المتجدد كصوت حكيم في الخليج، لكنها في الوقت ذاته أثبتت أنها لا تسمح بالعبث بالسيادة، لا لها ولا لجيرانها. وبين ديبلوماسية الخطاب، وصلابة الموقف، رسمت الكويت خطا أحمر جديدا: الأمن الإقليمي ليس ملفا تفاوضيا.