الحياة بطبيعتها لا تخلو من الهموم والمصائب وفيها الكثير من الآلام والمتاعب، والإنسان فيها لابد له من أمر يعينه على ما يبتلى به فيها. نعم، هكذا هي الحياة، والصبر هو ما يعين على تخفيف الآلام وتهوين المصائب وتيسير الصعاب فيها، فيلتقي الصبر بأقدار الله تعالى فيخفف من شدتها وحدتها، فنتذكر قول الله تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في كبد ـ البلد: 4)، وهذه آية عظيمة اختصرت حقيقة الحياة التي جبلت على الأقدار والكدر.
لذلك دعا الإسلام إلى خلق الصبر، وحث على التحلي به فقد قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين ـ البقرة: 153).
«الصبر» خلق الأنبياء ومن سماتهم وهو صفة الصالحين، وقد أمر الله عز وجل نبيه بالصبر، كما صبر أولو العزم من الرسل فقال تعالى: (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ـ الأحقاف: 35).
فهل ينتصر المنتصر إلا بالصبر، وهل يكتسب الإنسان الشجاعة إلا بالصبر، وهل يكابد المسلم المرض ويقاومه لو لم يكن صبورا؟!
مع زيادة ضغوط الحياة اليومية تزداد حاجة الإنسان إلى تعلم الصبر في مواجهة المشكلات والإحباطات المختلفة. فالدراسات الطبية تشير إلى أن الأشخاص الذين يتعرضون لضغوطات الحياة ويعانون من نفاد الصبر هم أكثر عرضة للإصابة بالتوتر والقلق النفسي، وزيادة في ضربات القلب، كما يؤثر على الذهن والجهاز العصبي.
فكيف يصبح الشخص أكثر صبرا؟، وهناك عدة طرق منها: إعادة تقييم الموقف الذي سبب التوتر والنظر إليه من منظور مختلف، البحث عن فوائد ناتجة عن هذا الموقف، التدريب اليومي لمواقف بسيطة في الحياة اليومية لتعلم الصبر والتدرب عليه. كذلك التحدث مع الآخرين عن جهودك للتحلي بالصبر، فهذا يعمل على تشجيعك وتشجيع الآخرين على مواجهة المواقف الصعبة.
ولا تنسَ عزيزي القارئ التأمل في فوائد الصبر الصحية، حيث أظهرت الدراسات أن الأشخاص الأكثر صبرا يتمتعون بصحة أفضل ويكون لديهم المزيد من الرضا عن الحياة وكثير من الأمل واحترام الذات.
وتذكر أن كل شيء في هذه الحياة يحدث لسبب، فالأيام الجيدة تخبرك بأن الحياة جميلة، والأيام السيئة تخبرك بأن هناك الكثير لتتعلمه في هذه الدنيا، وتذكر قول الله تعالى: (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ـ الطلاق: 1)، وهذه آية من القرآن الكريم كفيلة بأن تهزم ضعفك ويأسك، فالله تعالى هو من يتكفل برزقك وسعادتك ومستقبلك.
فلا تحزن وربك الله، فالصبر هو السبيل لتحقيق الأمنيات مع الثقة بالله عز وجل، وأن الصابر في معية الله وعونه ورحمته.
تذكر عزيزي القارئ أن الصبر دأب الأنبياء والمرسلين وعبادة يتقرب بها العبد لربه فيرضى بما قسم الله له، راجيا منه المغفرة والرحمة والخير في الدنيا والآخرة.