y.abdul@alanba.com.kw
أمضى سكان الكويت سنين طويلة في علاج مرضاهم بالأعشاب البرية.
الكتاب يرصد حركة العلاج الطبي عندنا.
يتميز الأستاذ الدكتور يعقوب يوسف الغنيم في كتاباته القيمة وكتبه بالمصداقية والدقة في نقل المعلومات خاصة التوثيق للتاريخ الكويتي القديم
واصفا ختاما لمراد كلامه مستندا في كتاباته إلى المراجع وذكرها والصور المصاحبة للموضوع (المصورات).
من المواضيع المهمة التي بحث فيها المؤرخ الكبير والأديب الشاعر د.يعقوب يوسف الغنيم الحديث عن الشؤون الصحية في الكويت القديمة وإلى تطور مكافحة الأمراض والعلاج بالأعشاب ثم الأدوية. لقد تطورت الأمراض والعلاجات والأدوية وهذا ما جعل الباحث المؤرخ د.يعقوب يوسف الغنيم يبحث عن الطب الشعبي في الكويت وصولا إلى الطب الحديث. الجميل في كل كتابات د.يعقوب يوسف الغنيم أنه يغوص في تاريخ المجتمع الكويتي ويعرضه بصورة أقرب إلى البانوراما.
صدر حديثا كتاب الداء والدواء في قديم الكويت للدكتور يعقوب يوسف الغنيم يتناول فيه الأحوال الصحية في الكويت بشهادة زوارها القدماء والدواء والمداوي والأمراض وعلاجها القديم ومن أمراض المهنة والصيدلية الشعبية والعلاج القديم عند غير الحواج ونظرة إلى الدواء الشعبي في خارج الكويت والطريق إلى الحواج (العطار)،
ويعرج على بدايات الخدمة الصحية في الكويت وسرد الأدوية الشعبية ثم يختم كتابه القيم بذكر الأمراض التي تلم بالناس في الكويت قبل أن تتوجه الحكومة إلى الاستفادة من الطب الحديث على الصورة التي أوردها في كتابه عن المجتمع الكويتي في ماضيه وحاضره ونشأة المراكز الطبية المتعددة.


&cropxunits=450&cropyunits=294)
عهد الشيخ مبارك
منذ عهد الشيخ مبارك الصباح (1896م - 1915م) بدأ الاهتمام حين طلب من القنصل البريطاني المقيم في الكويت ترشيح طبيب لهذه الغاية وقد رد القنصل البريطاني بأن طبيب القنصلية الخاص بها سوف يعالج جميع من هم في الكويت ثم جاء إنشاء مستشفى الإرسالية الأميركية وافتتاحه في سنة 1912.
العلاجات القديمة في الكويت
لجأ أهل الكويت الى العلاجات القديمة لأنهم ورثوا في السنّة ما يشير في الحديث النبوي الشريف عن الحجامة والكي والرقية الشرعية ووضع عصابة الرأس وبط الأورام المتقيحة لإخراج ما بها من قيح ومواد رديئة.
وتجدر الإشارة الى أن هناك علاقة بتاريخ الأمراض في الكويت واتصالا بالاحوال الاجتماعية والسكانية خاصة الأمراض المعتادة والأوبئة وهي الأمراض الفتاكة مثل الطاعون الذي حصل في سنة 1830.
أمراض اجتاحت الكويت
1 - الطاعون سنة 1773 لم يدم طويلا ولم تحدد آثاره بعد زواله.
2 - وباء الكوليرا سنة 1871.
3 - وباء الجدري في سنتي 1891 - 1893.
4 - الانفلونزا في سنة 1918 وأطلق على هذه السنة (سنة الرحمة).
5 - وباء الجدري في سنة 1935 وأصاب سكان البادية ولم يترك بيتا إلا دخله.
وظهر وباء الجدري مرة اخرى في الكويت لكن تطعيم المواطنين قلل أضراره، وتشير أم سعود - فيوليت ديكسون في كتابها (أربعون عاما في الكويت) عن الجدري الى انه انتشر في الكويت سنة 1932 وهذا بالطبع غير ما أشار إليه الكاتب!
وكثير من الكويتيين القدامى امتلأت وجوههم بآثار الجدري المعروفة.
شهادة زوار الكويت القدماء!

أبناء الكويت كانوا وما زالوا يهتمون بالأمور الصحية ويبذلون جهدهم لمكافحة الأمراض، وقد زار الكويت كثير من الزوار واختلطوا بأهل الكويت ضمن رحلاتهم الاستكشافية للمنطقة، ومن أولئك الزوار المسؤول البريطاني لويس بيللي الذي جاء الى الكويت سنة 1863 إبان فترة حكم الشيخ صباح بن جابر بن عبدالله (1859 - 1866) وقد تحدث بيللي كثيرا عن الكويت وعن مشاهداته.
ولد لويس بيللي سنة 1825 وتوفي سنة 1892 وخدم بلاده عسكريا واختير حاكما لبريطانيا في زنجبار ثم مقيما لبريطانيا في الخليج العربي ثم صار عضوا في البرلمان البريطاني حتى وفاته وقد تحدث عن العلاجات الطبية في الكويت فقال وذكر الكي بالنار وجرعات من السنامكي (الحلول - نوع من المسهل).
وفي سنة 1868 مر الرحالة الأميركي أ.لوشر بالكويت في زمن حكم الشيخ عبدالله بن صباح بن جابر (1865 - 1891) وقد شبه الكويت بمدينة مسقط لكن الفرق يظهر من ناحية النظافة الملحوظة في مدينة الكويت كمدينة عربية فائقة النظافة، ويسترسل د.يعقوب الغنيم في شهادات زوار الكويت من أمثال الدكتورة اليانور كالغرلي التي عملت طبيبة في مستشفى الإرسالية الأميركية.
الدواء والمداوي
اعتمد الشعب الكويتي قديما على الأدوية الشعبية خاصة النباتات وبعض المواد التي تستمد من الطبيعة عبر وجود نماذج بشرية لها تجربة مع هذه الأعشاب الدوائية وكانوا يعرفون فائدة كل عشبة وماذا تعالج وخاصة تركيبات الأعشاب من (الحواج - العطار) والمواد هي:
1 - الحلبة.
2 - صمغة ريح.
3 - زعتر.
4 - مرة.
5 - حبة حلوة.
6 - سنا - (حلول - خروع).
7 - ينسون.
8 - شرى حنظل.
9 - لومي.
10 - حرمل.
11 - لبان.
12 - زعفران.
13 - دارسين.
14 - حبة سوداء.
15 - حلتيت.
16 - عنزوت.
17 - الشيح.
18 - الجفت.
أهل العلاجات
اشتهر عدد من أهل العلاجات بتقديم أفضل الخدمات لأبناء وطنهم ومنهم الشيخ مساعد بن عبدالله العازمي وهو كان طالب علم درس في الأزهر الشريف وله قصة طويلة في كتاب (ملامح من تاريخ الكويت) نقلا عن المرحوم بإذن الله خالد راشد بورسلي رواية عن والده سمعها مباشرة من الشيخ مساعد، رحمه الله.
لقد اهتم الشيخ مساعد العازمي - طيب الله ثراه - بتطعيم الأهالي، وتوفي سنة 1927.
أما العم عبداللطيف إبراهيم الدهيم وهو صاحب الصيدلية الأولى في الكويت وكان متفرغا لها عاملا على تطويرها وتقديم خدمة بيع الأدوية للأهالي.
افتتح محله سنة 1927 وكان يجلب الأدوية من الهند وكان إقبال الناس عليه كبيرا، ما جعله ينتقل من محله الأول الى محل آخر ليعرض خدماته وأدويته على زبائنه وتوفي في سنة 1949 في صيدليته وخلفه فيها ولده وبقيت هي الصيدلية الأولى حتى 1935، وذلك بعد مرور 8 سنوات على إنشاء الصيدلية الأولى.
وكان العم احمد محمد الغانم - رحمه الله - هو أحد وجهاء الكويت وأغنيائها وكان رجلا بارزا على مستوى المجتمع الكويتي، ولد سنة 1857 وتوفي في شهر ديسمبر 1962 وكان رجلا فاضلا له مكانة وإجلال ومحبة في نفوس الناس وكان يساعد كل محتاج للعلاج وكان يقوم بالعمل التطوعي ويقدم المعونة والمشورة الطبية لكل مريض وقد برع في الطب الشعبي، إضافة الى تجارته الواسعة.
كان حريصا على علاج المرضى الذين يغدون إليه ولم يكن يتقاضى عن ذلك أي مقابل إلا طلب الدعاء له وكان خبيرا بالكسور والتجبير.
ويذكر انه قام بمداواة الدكتور ميلري الذي كان طبيب الإرسالية الأميركية في الكويت، حيث اضطر هذا الطبيب عرض نفسه على الحاج أحمد الغانم بعد أن أصيب بداء اليرقان ويسمى عندنا (بوصفار)، وقد تلقى الدكتور المريض العلاج بالكي على يد أحمد الغانم وشفي، وكتب ذلك في مذكراته التي صدرت في كتاب.
وهناك الملا عيسى الشرف وعبدالإله عبدالله القناعي وبرزت في الكويت بعض النسوة مثل: هدباء بنت براك الحمدان وكنيتها أم خزام.
يقول د.يعقوب يوسف الغنيم انه أخذ المعلومات عنها من د.جاسم محمد الحمدان وهي نبذة مكتوبة عن قدرتها الهائلة في علاج كثير من الأمراض الباطنية واللوزتين وشروخ العظام.
الوثائق
أرفق د.يعقوب يوسف الغنيم 5 وثائق في الكتاب وهي مجموعة من الرسائل المتبادلة بين حاكم الكويت الشيخ مبارك الصباح والوكيل السياسي البريطاني في الكويت وهذه الوثائق تكشف لنا متابعة الشيخ مبارك الصباح لهذا القطاع وتجاه المواطنين.
ومن يقرأ الوثائق يعلم ما جاء في المراسلات من معلومات وتقارير توثق الحالة الصحية في ذاك الزمان.
ختاما
كتاب قيم يتحدث عن الجهود الحكومية والشعبية في ظل ظروف صحية صعبة ورحم الله الآباء والأجداد الذين عانوا من هذه الأمراض والأوبئة ولايزال الموضوع يحتاج الى كثير من المتابعة والتوثيق ونحن نعيش عتبة الحاضر واستشراف المستقبل الطبي لدولة الكويت.
شكرا.. من القلب للدكتور يعقوب يوسف الغنيم الذي قدم للكويت وأجيالها هذا الكتاب القيم المرجع للشؤون الصحية وكتب عن نجوم الأشخاص المجربين الذين يداوون الناس وحتى الأطباء، ولعل ما أفاد الكتاب ان مؤلفه لديه الخبرة والتجربة والقراءة المتعددة. ويبقى السؤال: هل وفق أستاذنا في الخوض في الشأن الصحي وتوثيقه؟
هذا ما أراده وأراه وفّق إلى حد كبير.