حقيقة، أعان الله البشر على ما يسمعونه وعلى ما يشاهدونه في وسائل التواصل الاجتماعي وبرامجه المتعددة. اليوم الكبير والصغير لا يستغنون عن الأجهزة الذكية، ولا شك انها تأخذ اغلب اوقاتهم وربما أنها تجعلهم يهملون الكثير من الأمور الضرورية في حياتهم ويصبح الوقت ليس ذا أهمية بالنسبة لهم، والسبب هو التعلق والاندماج بما يعرض في هذه المواقع بغض النظر عن مدى فائدته، إلى هذا الحد الامر طبيعي، لكن الشيء الغريب والخطير هو تصديق كل ما يعرض ويتم التحدث عنه من قبل الكثير من الأشخاص من مختلف دول العالم في شتى المواضيع الطبية والغذائية والنفسية والتجارية والأدبية، والقائمة تطول وأخطرها بالطبع الأمور التي تتعلق بصحة الانسان، فنشاهد مثلا أفرادا يخرجون علينا يدعون انهم يعالجون الكثير من الامراض الصعبة والمعقدة من خلال تلك العشبة او الخلطات النباتية، وما عليك إلا القيام بإرسال بياناتك والمبلغ المادي وتصلك على عنوانك والناس تتهافت عليهم وبعد فترة تنكشف الحقيقة ويتضرر الناس من هذه الخلطات ويبحثون عمن يساعدهم ويختفي فجأة ذلك المداوي المزيف.
وهناك ايضا أطباء متخصصون في عمليات التجميل وأمراض السمنة وأطباء اسنان وغيرها من التخصصات الطبية هدفهم فقط جمع المال بغض النظر عن المضمون او حقيقة وجودة العلاج وتلك العمليات الجراحية وعن مدى مضاعفاتها في المستقبل، ونحن هنا لا نعمم وليس كل الأشخاص سيئين، ومن المؤكد ليسوا كلهم جيدين. وقس على هذا الكثير من الامور الاخرى، فهناك من يدعي أن لديه الخبرة في تعليم الافراد على طريقة شراء الأسهم ودخول المضاربات من خلال الشركات التي يعلن عنها، وبعد دخول الناس معه تذهب أموالهم وتتبخر وتبدأ تتعالى أصواتهم وشكواهم، وهناك من يدعي أنه يقوم بعمل الوجبات الغذائية للمناسبات الضخمة كالأفراح والأعياد وبعدما يتفاعل ويتعامل معه الناس ويدفعون أموالهم يكتشفون انه تم النصب عليهم.
اليوم العالم متسارع وبرامج الذكاء الاصطناعي استخدمت بالسلب وليس بالإيجاب واصبح المال بالنسبة للكثيرين هو الهدف الرئيسي بغض النظر عن الخوف من رب العالمين او حتى من القانون. الجشع أعمى عيونهم وسمعتهم لم تعد ذات أهمية بالنسبة لهم والكثير منهم اليوم يقبع خلف القضبان، لذلك يجب علينا عدم التعجل وعدم الثقة في كل الأشخاص، خصوصا من تدربوا على ترتيب الكلمات وحلاوة الأسلوب وخلطه بالدين وبعض الأحاديث والحكم، هناك شركات كبيرة وقنوات تجارية معروفة للجميع يتعامل معها كل الافراد على مستوى العالم، وفي البلاد عندنا اكبر المستشفيات الحكومية والخاصة التي تنافس الدول العظمى من خلال الأطباء والاستشاريين الذين يتمتعون بالسمعة والثقة الكبيرة، فلا تضيع صحتك ومالك على هؤلاء المخادعين، فالواقع ليس جميلا في كل الأوقات بل دائما ما يخفي في طياته الجوانب المظلمة والمزيفة. وفي النهاية: القانون لا يحمي المغفلين.
zaben900@hotmail.com