بينما كنت جالسا أمام «اللابتوب» وأتجول بين مقاطع «اليوتيوب» استوقفني مقطع رائع يعود لأيام الزمن الجميل، حيث المسرحية الكوميدية «باي باي عرب» للراحل الكبير والفنان القدير عبدالحسين عبدالرضا، وتحديدا احد المشاهد المميزة الذي كان يتغنى به احد الممثلين في البيت الشعري الخالد للشاعر العربي الشهير الداهية «أبو العتاهية» والذي يقول فيه:
فيا ليت الشباب يعود يوما
فأخبره بما صنع المشيب
ولكن الممثل عندما قال البيت استبدل كلمة «يوما» بكلمتي «ثلاثة أشهر» أي انه نطقه كالتالي:
ألا ليت الشباب يعود «ثلاث تشهر»
لأخبره بما فعل المشيب
فاستدرك عليه الفنان عبدالحسين، وقال الشاعر يقول يوما؟!! فجاوبه هذا الممثل بالقول: يوما لا يوصلني الى «الحدود» بمعنى ان يوما زمن غير كاف.
بطبيعة الأشياء هذا المقطع من المسرحية وإن كان كوميديا فكاهيا انما هي الكوميديا الهادفة التي تعدت كثيرا ما وراء الماورائيات السياسية والأدبية إبان تلك المرحلة الزاهرة والمزدهرة في تاريخ الكويت الثقافي والبنائي.
> > >
هذا في جانب مهم وفي الجانب الآخر الأهم، فإننا اذا رجعنا لقواعدنا الجدية ولجادة المقال والمقصود منه سالمين، فإنني أستطيع القول إن هذا البيت المقولة، ابتداء له عدة معان وأهداف ولكن شاعره أو فيلسوفه لم يقصد أبدا المعنى الظاهري لمفردة «يوما» ولم يقصد استحضار مفردة «يوما» من حيث البعد الزمني ايضا لهذه المفردة ولكنه وبكل تأكيد لغوي وتأصيل غرضي وبكل مفهوم شعري ومعنوي فإنه كان يقصد توعد المشيب وما اقترفه من أفعال، بالشباب إذا ما حضر «يوما ما» نعم «يوما ما» وليس «يوما» وهذا البيت الشعري الحكمة، هو عنوان واضح لعدة أشياء أحد أهمها هو اللوم الواضح والصريح للنفس على «ضياع الفرص» التي لا يمكن تداركها.
وهذا المعنى تحديدا هو الذي لمع في ذهني وأنا أعيد تمتمة هذا البيت وأرى انه معني بشكل أو بآخر بالمشهد السياسي الكويتي.
> > >
وهنا أستطيع القول إننا في هذه المرحلة المهمة والمفصلية داخليا وإقليميا ودوليا نمر بممرات تاريخية خطيرة وحادة جدا تحتاج الى رؤى واضحة وأهداف محددة وتعاط صحيح وتعاون ضروري وملح وحتمي واستثنائي. نعم، فأعتقد اننا في فرصة تاريخية جيدة تتمثل في وجود توافق شعبي ونيابي وحكومي غير مسبوق ومرحلة مليئة بالتوازن والمرونة والتعقل والهدوء والرصانة والعقل برغم بعض الأخطاء هنا او هناك وبرغم بعض الهفوات هنا او هناك كطبيعة الأعمال البشرية التي لم ولن تأتي بالكمال والتمام أبدا.
> > >
وأنا من وحي حرصي على الاستثمار دائما في النماذج الناجحة او النماذج الأقرب الى النجاح أرجو ألا نضيع هذه الفرصة، شعبا وحكومة ومجلسا، ونعيد تكرار البحث مرة أخرى عن بيئة سياسية جديدة نحسبها ونريدها بيئة مناسبة للعمل المشترك ومجالا جديدا للتعاون بين السلطات فنحن وكخطوة مرحلية في بيئة سياسية أعتقد حاليا انها أوضح مرحلة توافقية منذ مجلس 1963 وأرى انها تحتاج من السادة النواب والوزراء العودة في دور الانعقاد القادم بروح التعاون التي رأيناها منهم في بدء انتخاب مجلسهم الحالي مع التأكيد على التوافق في سلم الأولويات بعيدا عن التكسبات والمزايدات الانتخابية للسادة النواب وبعيدا عن الإهمال واللامبالاة والتقاعس بالنسبة للأداء الحكومي.
hammad_alnomsy@
hmmad_alnomsy@yahoo.com