«وافق شن طبقة»، هو أكثر مثال ينطبق على التخادم بين الصهاينة والقوى الاستعمارية في المنطقة.
فعندما كانت المؤتمرات الأولى للصهيونية العالمية تبحث في مدينة بازل السويسرية عن وطن قومي لليهود المشتتين في كل انحاء العالم آنذاك وبسبب لفظ العالم أجمع لهم، وكانوا يفاضلون وقتها بين موزمبيق وأوغندا والأرجنتين، كانت ايضا القوى الاستعمارية تبحث عن زرع كيان يفصل شطري الوطن العربي حتى يضمنوا فصله فعلياً ويحولوا، حسب ظنهم، دون اعادة التئام الوطن العربي كوطن واحد موحد مجددا.
فوجد كلا الطرفين ضالته في الآخر، معتمدين على عدم قدرة أحدهما على خيانة الآخر بسبب الشراكة بالأهداف والمصير وبسبب المصالح المشتركة بينهما في إضعاف وتفكيك العالم الاسلامي، لاسيما الوطن العربي، فكان التلاقي المصلحي والتلاقح التكاملي بينهما حتى قبل اتفاقية (سايكس ـ بيكو) في العام 1916 أو (وعد بلفور) في العام 1917.
ولغرض التسويق العالمي والتبرير الأممي اختلقت أكذوبة دولة اسرائيل، لاسيما إسرائيل الكبرى أو «إسرائيل التوراتية» من النيل الى الفرات كما يسرب الكيان الصهيوني أحيانا ويلمح ويصرح أحيانا أخرى، ولعل آخرها ذهاب (نتنياهو) بخريطة ما يسمى «إسرائيل الكبرى» للأمم المتحدة مؤخرا.
***
كل ما يسوقه الكيان الصهيوني الغاصب من دعايات إعلامية مضللة هي محض افتراء ومشروع وهمي إلهائي ليس له أي صلة في الواقع التاريخي والجغرافي للمنطقة العربية المحيطة به، والدليل انه دائم التقلب والقفز على الأمور كما اعتاد خاصة بالسبعين عاما السابقة منذ قبولهم بقرار الأمم المتحدة (242) ثم الانقلاب عليه، ومنذ اتفاقه مع مصر في معاهدة (كامب ديفيد) ثم ممارسة الخروقات المستمرة على هذه المعاهدة تحت كل الذرائع الواهية، مرورا بمطالبتهم التفاوض مع سورية حول الجولان وعندما رفضت سورية ذلك قاموا بإعلانهم ضم الجولان نهائيا، وكذلك اعتبار القدس عاصمة أبدية لإسرائيل بعد أن كانوا يقرون بأحقية الفلسطينيين بالأراضي المملوكة لهم قبل حرب 67 وعاصمتها (القدس)، وانقلابه على (معاهدة أوسلو) التي تمنح الفلسطينيين ما نسبته 40% من أراضي الضفة الغربية ثم تقليص المساحة الى 22% من هذه الـ 40% مؤخرا ونيته المعلنة عدم اعطائهم حتى هذه النسب الضئيلة تحت حجة أن الضفة الغربية هي أرض يهودية مقدسة تحمل اسم (السامره ويهودا) في كتابهم المقدس.
***
والتدرج الحاصل في الانقلابات الصهيونية على الأحداث والوقائع، هو مسلسل وتسلسل ممنهج ومدروس منذ المئوية الأولى لاتفاقية (سايكس ـ بيكو) عام 1916، وبأسلوب جديد منذ بداية المئوية الثانية التي انطلقت عام 2016 ومشروعها الجديد في تقسيم المقسم لكي تكون (اسرائيل الكبرى) من النيل الى الفرات هي أكبر دولة فيما يسمى (الشرق الأوسط الجديد)
***
ولكنني أجزم بأن طوفان الاقصى والعمليات النوعية التي قامت بها حماس وكتائب عز الدين القسام في غلاف غزة وسائر الأراضي في فلسطين المحتلة قد أربكت المشروع الاستيطاني وعصفت بالمئوية الثانية لـ (سايكس - بيكو) إلى غير رجعة.
***
ختاما.. أشكر حكومة الكويت على دعمها لأشقائنا الفلسطينيين والتزامها المبدئي بالتضامن العربي والإسلامي، والشكر موصول لها عبر إعلان النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ طلال الخالد عن التزام الكويت بمرسوم الحرب مع العصابات الصهيونية في أرض فلسطين المحتلة وسريان مفعوله حتى الآن.
hmmad_alnomsy@yahoo.com
hammad_alnomsy@