@lines_title
إن ما يرفع قيمة الفرد بين أقرانه أو بين أفراد أسرته أو بين أفراد مجتمعه هو اسلوب تعامله وتفاعله مع الآخرين، بمعنى آخر أخلاقياته السلوكية (مجموعة الإنسانيات)، فالرقي ليس كلمة عابرة تقتصر على المظهر وإنما على المخبر قبل المظهر، والرقي لا يكن رقيا إلا بالإحسان العالي الذي يكون بالفرد وانعكاسه على محيطة، فالمرأة باحترامها وحيائها، والرجل بغضّ بصرة وغضّ صوته، ودائما الأخلاقيات العظيمة تبدأ من صغار الأمور التي لا يأبه لها الناس، منها: عندما تكون في مكان عام لا تتثاءب بصوت عال مرتفع، ولا تتثاءب بوجه أحد، وإن كنت رجلا فلا تدخن أمام امرأة أو طفل، وكن مستمعا أكثر مما تتكلم، كذلك الصبر عند الغضب وكظم الغيظ من الأخلاقيات القرآنية التي حث عليها القرآن والسنة النبوية الشريفة وشدد عليها، لا تتكلم بصوت مرتفع أمام الناس، وإن كنت رجلا فلا تتكلم بصوت مرتفع أمام امرأة أو طفل فإن أنكر الأصوات لصوت الحمير، وإن كنت امرأة فلا تعلي صوتك أمام الناس فإنه عورة، لا للتعالي على البشر وإن كانوا أقل منك في المركز أو الوظيفة أو المال...إلخ أو حتى المستخدمين الأجانب، وإن جاء سائل فأجب بود وإحسان وابتسامة بعيدا عن العبس بوجه الخلق، وساعد ما استطعت في مقر عملك فالناس عبيد الاحسان، كن هادئ الخلق مع من حولك وإن كانوا مصدر ازعاج أو خطأ، فلا تعامل الناس بأخلاقهم وإنما بأخلاقك، كن نظاميا والتزم بالمواعيد ولا تخلف وعودك للناس وراع المشاعر فهي سلوكيات الصادقين الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه الكريم، لا تكثر الإشارة باليد عند الحديث بوجه من تحادثه فذلك انعكاس تنمر خفي، فمن أرقى السلوكيات الأخلاقية في التعاملات والتي أحب ذكرها دائما - نجدها مجتمعة في سورة لقمان الحكيم عندما يعظ ابنه في خمس وصايا جميلة:
- الوصية الأولى: التربية الإيمانية (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم).
- الوصية الثانية: إحياء النفس اللوامة (يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير).
- الوصية الثالثة: الإحسان (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون).
- الوصية الرابعة: مجاهدة النفس (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور).
- الوصية الخامسة: مهارات اجتماعية (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور).
- الوصية السادسة: مهارات سلوكية (واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير).
وخلاصة الكلام أن تلك الأخلاقيات الجميلة والراقية هي نتاج تربية وبيئة أسرية صحية سليمة، فالتربية الأسرية والقدوة الحسنة (الوالدان) يلعبان دورا في انتاج أجمل النفسيات للمجتمع، كذلك المدرسة تلعب دورا كبيرا في تعزيز القيم الأخلاقية وصقل نفسيات جميلة ومؤهلة للتفاعل المجتمعي خاصة لسوق العمل، فالتركيز على التربية قبل التعليم الملقن سر تقدم الأمم ونهضتها، أتمنى من الله العزيز القدير أن يمنّ بالصلاح والرقي لمجتمعنا وأفراده.