رحبت سورية أمس برفع الولايات المتحدة رسميا العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على البلاد، معتبرة أنها «خطوة ايجابية في الاتجاه الصحيح»، في وقت تحاول السلطات دفع عجلة التعافي الاقتصادي وتحسين علاقتها مع الدول الغربية، بعد حرب مدمرة استمر 14 عاما.
وأثنت السلطات السورية، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، «بالقرار الصادر عن الحكومة الأميركية برفع العقوبات التي فرضت على سورية وشعبها لسنوات طويلة». وقالت إنه «خطوة ايجابية في الاتجاه الصحيح للتخفيف من المعاناة الإنسانية والاقتصادية في البلاد».
وأعربت سورية عن «تقديرها لجميع الدول والمؤسسات والشعوب التي وقفت إلى جانبها»، مؤكدة ان «المرحلة المقبلة ستكون مرحلة إعادة بناء ما دمره النظام البائد واستعادة مكانة سورية الطبيعية في الإقليم والعالم».
وجاءت الخطوة الأميركية تنفيذا لقرار أعلنه الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي في الرياض بطلب من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الذي جمع ايضا ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع.
وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية بشكل متزامن إعفاء لمدة 180 يوما من تطبيق قانون قيصر، لضمان عدم عرقلة العقوبات للاستثمار الأجنبي في سورية، ما يمنح الشركات ضوءا أخضر لمزاولة الأعمال في البلاد.
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في بيان إن من شأن الإعفاء من العقوبات أن «يسهل توفير خدمات الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي وتمكين استجابة إنسانية أكثر فعالية في جميع أنحاء سورية».
ويتيح الإعفاء القيام باستثمارات جديدة وتقديم خدمات مالية وإجراء تعاملات على صلة بالمنتجات النفطية السورية. وأشار روبيو إلى أن الاجراءات الأميركية المتخذة «تمثل الخطوة الأولى نحو تحقيق رؤية الرئيس بشأن علاقة جديدة بين سورية والولايات المتحدة».
وقال وزير الخارجية أسعد الشيباني في منشور على اكس أمس «نعد شعبنا بمزيد من النجاحات في الأشهر المقبلة، استكمالا للقرارات المتتالية برفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سورية».
وأضاف «تستحق سورية وشعبها مكانة عظيمة، وبلدا مزدهرا، وتمثيلا يليق بها على الساحة الدولية».
كما أصدرت وزارة الخزانة الأميركية «الترخيص العام رقم 25»، الذي يسمح بتنفيذ بعض المعاملات المحظورة سابقا، بشرط عدم شمولها لأشخاص أو كيانات غير مدرجة في الملحق المرفق بالترخيص.
وأوضح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) في بيان صدر الجمعة أن الترخيص يتيح تنفيذ المعاملات المحظورة بموجب لوائح العقوبات على سورية وأيضا تلك المرتبطة بعقوبات أسلحة الدمار الشامل والعقوبات المالية على إيران والعقوبات المتعلقة بالإرهاب، بشرط أن تكون تلك المعاملات مع جهات محددة مذكورة في الملحق المرفق.
وشمل الترخيص المعاملات مع «حكومة سورية»، كما هي معرفة في اللوائح الأميركية، وتشمل الرئيس أحمد الشرع وحكومته، إضافة إلى قائمة تضم عشرات الكيانات، أبرزها: المصرف المركزي السوري، المصرف التجاري السوري، الشركة السورية للنفط، المؤسسة العامة للنفط، وزارة السياحة، وزارة النفط والثروة المعدنية، وشركة فور سيزنز دمشق.
واستثنى الترخيص أي معاملات مع أفراد أو جهات مدرجة على قائمة «المواطنين المعينين خصوصا» (SDN) التي لم ترد في الملحق، إضافة إلى المعاملات المتعلقة بالحكومات الإيرانية أو الروسية أو الكورية الشمالية، أو تلك التي تشمل توريد بضائع أو تمويلا لتلك الدول.
وأكد مكتب OFAC أن الترخيص لا يعفي من الالتزام بالقوانين الفيدرالية الأخرى، منها لوائح الاتجار الدولي بالأسلحة ولوائح إدارة التصدير الأميركية.
وفرض قانون قيصر الصادر عام 2020 عقوبات صارمة على مقربين من الأسد وعلى كل كيان أو شركة تتعامل مع السلطات السورية. وطال كذلك قطاعات البناء والنفط والغاز، وحظر على واشنطن تقديم مساعدات لإعادة الإعمار. وأعلن البنك الدولي الأسبوع الماضي أن السعودية وقطر سددتا ديونا مستحقة على سورية بنحو 15.5 مليون دولار ما يمهد الطريق لاستئناف برامجه فيها بعد توقف دام 14 عاما.
ويعود تاريخ بعض العقوبات الأميركية على سورية إلى العام 1979. كما أن الشرع، الذي كان يعرف باسم أبو محمد الجولاني قبل قيادته هجوم فصائل المعارضة الذي أطاح برئيس النظام المخلوع بشار الأسد في الثامن من ديسمبر، كان مدرجا على قائمة الإرهاب، ورصدت واشنطن عام 2017 مكافأة بقيمة 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى اعتقاله.