على مدار نحو 65 عاما شهدت العلاقات الكويتية - اليابانية تطورا مستمرا تجسد من خلال التعاون البناء والشراكة المميزة المعتمدة على أسس ومبادئ الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وترسخت تلك العلاقات من خلال الزيارات الرسمية للقيادتين الحكيمتين في البلدين الصديقين وكبار المسؤولين فيهما على مدار العقود الماضية عززتها الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بينهما في شتى المجالات.
وتأتي الزيارة التاريخية لسمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد إلى اليابان ولقائه صاحب الجلالة الإمبراطور ناروهيتو إمبراطور اليابان الصديقة في القصر الإمبراطوري بطوكيو تتويجا لمسيرة طويلة من التعاون والتفاهم المشترك وتحمل دلالات على عمق العلاقات التي تربط بين البلدين والشعبين الصديقين وحرصا على الدفع بها، لاسيما في الجانب الاقتصادي إلى مستويات أكثر شمولية وتكاملا.
ويرتبط البلدان بعلاقات تاريخية بدأت بالجانب الاقتصادي في خمسينيات القرن الماضي عندما وافق سمو الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم - طيب الله ثراه - عام 1958 على منح إحدى الشركات اليابانية وهي شركة الزيت العربية المحدودة امتيازا وحقوقا لاستغلال النفط والغاز في المنطقة المغمورة بما كان يسمى في ذلك الوقت بالمنطقة المحايدة.
وأعقب تلك العلاقات الاقتصادية بعد نحو 3 أعوام مسارعة اليابان لتكون من أولى الدول التي اعترفت باستقلال الكويت من خلال قرار صادر عن مجلس الوزراء الياباني في الثامن من ديسمبر عام 1961 رغم ما فرضه العراق من عقوبات اقتصادية حينذاك عبر قرار يقضي بمنع دخول البضائع اليابانية إلى الأسواق العراقية.
وكان القرار الياباني مبنيا على موازنة مصالح اليابان مع الكويت وخصوصا بعد حصولها على امتياز إدارة حصة الكويت في الحقول النفطية المشتركة مع السعودية ومصالحها مع العراق في تفادي العقوبات الاقتصادية العراقية.
وانتهى ذلك الامتياز في سبتمبر عام 2001، حيث وقعت الكويت واليابان مذكرة تفاهم تقضي بإنهاء حقوق الامتياز والتنقيب الممنوحة لشركة الزيت العربية ابتداء من الرابع من يناير 2003 فيما بدأت الشركة الكويتية لنفط الخليج حينها أعمالها في الحقول البحرية المشتركة.
أما العلاقات الديبلوماسية فتعود إلى فبراير عام 1962 حين وصل أول سفير كويتي إلى طوكيو وهو سليمان محمد الصانع ليقدم أوراق اعتماده هناك تبعها افتتاح السفارة اليابانية لدى الكويت في مارس من عام 1963 فيما سبقها وجود بعثات تجارية يابانية في الكويت منذ عام 1961 لدراسة أسواق دول الخليج العربي.
وعقب العلاقات الديبلوماسية تعززت علاقات التعاون بين البلدين في مجالات عدة منها التعاون بين الشركة الكويتية لنفط الخليج وشركة الزيت العربية ممثلا بتوقيع اتفاقيات تقضي بتزويد اليابان بجزء من إنتاج هذه المنطقة واستعانة الشركة الكويتية بخبرات شركة الزيت العربية واتفاقية تمويل ياباني لأنشطة الشركة.
وكان من ثمار ذلك التعاون مساهمة شركة الزيت العربية المحدودة في إنشاء معهد الكويت للأبحاث العلمية عام 1967 تنفيذا لالتزاماتها ضمن اتفاقية التنقيب عن النفط المبرمة مع حكومة الكويت.
وخلال العقود التي تلت ذلك كانت العلاقات بين البلدين تتعزز عاما بعد آخر اعتمادا على المصالح المشتركة ولاسيما الاقتصادية إذ كانت الكويت من أهم مصدري النفط الخام ومنتجاته المكررة لليابان في حين كانت الأسواق الكويتية عامرة بمختلف أنواع السلع الاستهلاكية اليابانية.
ووقفت اليابان موقفا مشرفا إبان فترة الغزو العراقي الغاشم للكويت عام 1990 حيث ساندت الحق الكويتي وقرارات الشرعية الدولية التي أدانت الاحتلال وطالبت بعودة الشرعية للكويت إضافة إلى مساهمتها بنحو 13 مليار دولار في الجهود التي بذلت من أجل تحرير الكويت.
والتزمت اليابان أيضا بقرارات مجلس الأمن بشأن مقاطعة العراق اقتصاديا رغم حاجتها الشديدة إلى النفط لأنها كانت تستورد نحو 12% من حاجتها النفطية من الكويت والعراق لكنها سارعت إلى تطبيق العقوبات الاقتصادية على العراق وامتنعت عن استيراد النفط وتصدير السلع الصناعية وغيرها الواردة في برنامج التعاون الاقتصادي.
وفي يناير عام 1995 زار ولي عهد اليابان حينها ناروهيتو والأميرة ماماكو الكويت، حيث منحه الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد - رحمه الله - قلادة مبارك الكبير التي تعد أعلى وسام في الكويت تقديرا لتأييد اليابان للحق الكويتي أثناء فترة الاحتلال العراقي الغاشم.
وأعقب تلك الزيارة في أكتوبر من العام نفسه زيارة رسمية للأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد لطوكيو للإعراب عن تقدير الكويت وامتنانها لمساهمة اليابان في تحرير البلاد.
وفي مارس عام 2012 زار سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد - رحمه الله - اليابان، حيث التقى الإمبراطور السابق أكيهيتو وولي عهده الأمير ناروهيتو ورئيس الوزراء يوشيهيكو نودا، وبحث معهم سبل تعزيز العلاقات بين البلدين بما يخدم مصالحهما المشتركة، إضافة إلى عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وأعقبت تلك الزيارة زيارة لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي للكويت في أغسطس عام 2013 استهدفت تعزيز الشراكة مع الكويت، لاسيما في الجوانب الاقتصادية والعلمية وتعزيز الحوار الثنائي لتحقيق الاستقرار والرخاء بين البلدين.
وفي 23 ديسمبر عام 2024 عقدت الكويت واليابان الجولة الرابعة من المشاورات السياسية على مستوى مساعدي وزيري الخارجية في الكويت، حيث أكد الجانبان تطلعهما الى توسيع الشراكة الاقتصادية بين البلدين بما يشمل عدة مجالات لاسيما الأمن الغذائي والأمن السيبراني والطاقة المتجددة والنفط والبتروكيماويات.
ويرتبط رجال الأعمال في البلدين بلجنة مشتركة منذ عام 1995، حيث عقدت تلك اللجنة أول اجتماعاتها في الكويت في نوفمبر من العام نفسه مما يعكس حرص القطاع الخاص في البلدين على توسيع آفاق التعاون المشترك.
وفي عام 2011 قدمت الكويت إلى اليابان تبرعا بعد الزلزال الذي ضرب سواحلها الشرقية (منطقة فوكوشيما) ونجمت عنه موجات تسونامي في المحيط الهادي.
وتمثل ذلك التبرع بخمسة ملايين برميل من النفط الخام بقيمة تعادل نحو 500 مليون دولار إلى جانب 3 ملايين دولار لإعادة تأهيل المعهد العلمي البحري في فوكوشيما، ومليوني دولار للصليب الأحمر الياباني.