قالت المديرة الإقليمية للبنك الدولي لدول الخليج، صفاء الكوقلي، إن الجهود الطموحة التي تبذلها دول الخليج والرامية إلى تحقيق التنويع الاقتصادي، ساهمت في التغلب على التقلبات بأسواق النفط، والتخفيف من آثارها على اقتصاداتها. ففي عام 2024، ورغم انكماش القطاع النفطي بنسبة 3% نتيجة لقرارات «أوپيك +» خفض الإنتاج، فإن القطاع غير النفطي نما بنسبة 3.7%، مما أدى إلى تحقيق معدل نمو اقتصادي إجمالي قدره 1.8%.
وتابعت بالقول: «هذا تحسن كبير عن معدل 0.3% في عام 2023، والأداء القوي للقطاعات غير النفطية خفف بشكل كبير من أثر انكماش القطاع النفطي، مما سمح لاقتصادات المنطقة بتحقيق معدلات نمو إيجابية».
وفي ظل بيئة عالمية تتسم بازدياد حالة عدم اليقين الاقتصادي، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، ولاسيما الصراع المستمر بين إسرائيل وإيران الذي يلقي بظلاله على المنطقة، قالت الكوقلي إن «أي صراع، خصوصا في هذه المنطقة، يمكن أن تكون له عواقب سلبية بعيدة المدى».
وأوضحت بالقول: «التداعيات تتجاوز أسواق الطاقة، كما أن ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة الضغوط التضخمية، وارتفاع عدم اليقين لدى المستثمرين، هي جميعها نتائج محتملة». وأشارت في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، على هامش الإطلاق الرسمي لتقرير البنك الدولي حول المستجدات الاقتصادية في دول الخليج، إلى أن تقرير البنك الدولي صدر في الأول من يونيو الجاري، وبالتالي لا يعكس تأثير التصعيد الحالي في المنطقة، مؤكدة على أنه لا يزال من المبكر تقديم تقييم شامل لتأثيرات الصراع المستمر.
وحذرت الكوقلي من التداعيات الأوسع لأي صراع، وخصوصا في المنطقة، قائلة: «بينما شهدنا بالفعل ارتفاع أسعار النفط، فإن التداعيات تتجاوز أسواق الطاقة. ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة الضغوط التضخمية وارتفاع عدم اليقين لدى المستثمرين، هي جميعها نتائج محتملة».
وأضافت انه في مثل هذه السياقات، غالبا ما يتبنى المستثمرون نهج الانتظار والترقب، مما يؤخر القرارات ويؤجل إتمام صفقات الاستثمار حتى يعود الوضوح والاستقرار بشكل أكبر. سنواصل مراقبة الوضع من كثب، وتقديم التحديثات مع توافر مزيد من البيانات. ويتوقع تقرير البنك أن تشهد اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي نموا بنسبة 3.2% في عام 2025، و4.5% في عام 2026. هذا النمو مرده بشكل أساسي إلى التخفيف التدريجي لتخفيضات إنتاج النفط التي فرضتها «أوپيك بلس» واستمرار الأداء القوي للقطاع غير النفطي.
ومع ذلك، تشدد الكوقلي على أن «هذه التوقعات قد تتأثر بتقلبات التجارة العالمية وحالة عدم اليقين الاقتصادي، وبالتقلبات في أسعار وإنتاج النفط، بالإضافة إلى مخاطر الصراعات الإقليمية». وتضيف: «للتخفيف من هذه المخاطر، تحتاج دول مجلس التعاون الخليجي إلى تسريع وتيرة الإصلاحات الرامية إلى تحقيق التنويع الاقتصادي لتقليل الاعتماد على النفط، كما تحتاج إلى تعزيز التجارة البينية الإقليمية». وتوضح أن النمو المتوقع سيتعافى أيضا بفضل «المساهمات الإيجابية من صافي الصادرات والاستثمار والاستهلاك، مما يعكس صمودا محليا وتعافيا خارجيا تدريجيا».