- النمو القوي للقطاع غير النفطي وإمكانية خفض الفائدة يعززان فرص استمرار انتعاش السوق العقارية
- تحسّن معنويات المطورين بدعم من تعديلات «التطوير العقاري» وتحديث اشتراطات السكن الاستثماري
ذكر تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني أن النشاط العقاري المحلي شهد انتعاشا واسع النطاق خلال الربع الثاني من 2025، في ظل تلاشي التأثيرات الموسمية التي ضغطت على السوق بالربع السابق، وكذلك بفضل تحسن المعنويات نتيجة الإصلاحات التنظيمية المرتقبة.
وأشار التقرير إلى أن هذا الزخم جاء بقيادة القطاع الاستثماري، والذي سجل مبيعات تعتبر الأعلى منذ 11 عاما، في حين واصل القطاع السكني أداءه المتواضع متأثرا باستمرار تحدي القدرة على تحمل التكاليف وشح المعروض من الوحدات السكنية الجديدة، ويبدو أن الانخفاض الذي استمر سنوات عدة بأسعار القطاع السكني قد بدأ بالاستقرار.
وبالنظر إلى الفترة المقبلة، فإنه على الرغم من الهدوء الموسمي المتوقع خلال الربع الثالث فإن المؤشرات تتجه نحو تحسن معنويات المطورين العقاريين بدعم من إقرار التعديلات على قانون التطوير العقاري وتحديث اشتراطات السكن الاستثماري في لائحة البناء الجديدة، في حين يتوقع أن يسهم إقرار قانون التمويل العقاري في تعزيز إمكانية الحصول على تمويل سكني.
وتعزز هذه التطورات، إلى جانب النمو القوي الذي يشهده القطاع غير النفطي وإمكانية خفض أسعار الفائدة، من فرص استمرار انتعاش السوق العقارية خلال الفترة المقبلة.
وذكر تقرير البنك الوطني أن المبيعات العقارية شهدت نموا ملحوظا خلال الربع الثاني من 2025، وبقيمة إجمالية قدرها نحو مليار دينار، لتسجل زيادة بلغت نسبتها 15.5% مقارنة بالمتوسط الربعي المسجل عام 2024.
وجاء هذا الارتفاع عقب انكماش موسمي شهده السوق في الربع الأول من العام الحالي، ويعزى ذلك بصفة رئيسية إلى الأداء القوي لقطاع العقار الاستثماري (الشقق والبنايات)، فيما كانت مساهمة القطاعين السكني والتجاري أكثر تواضعا.
ويعزى الأداء القوي للقطاع الاستثماري إلى عدة عوامل، أبرزها النمو القوي الذي شهده الائتمان الموجه لهذا القطاع، وارتفاع الطلب في المناطق الحضرية الداخلية، إلى جانب التعديلات الأخيرة التي تم استحداثها على لوائح السكن الاستثماري، والتي تهدف إلى تعزيز نموذج التنمية الحضرية في الكويت.
وأشار التقرير إلى أن مبيعات الوحدات السكنية تحسنت بشكل ملحوظ خلال الربع الثاني من عام 2025، بعد الانكماش الحاد الذي سجلته في الربع السابق، إذ ارتفع عدد الصفقات إلى أعلى المستويات المسجلة منذ الربع الثاني من عام 2022.
وعلى الرغم من هذا الانتعاش خلال الربع الثاني، إلى جانب تحسن الاتجاهات بوتيرة معتدلة خلال هذه الفترة، فإن مبيعات القطاع السكني في النصف الأول من عام 2025 بقيت دون المستويات المسجلة خلال الفترة المماثلة من عامي 2021 و2022.
من جهة أخرى، ذكر التقرير أن قيمة مبيعات القطاع الاستثماري بلغت نحو 483 مليون دينار في الربع الثاني من عام 2025، مواصلة بذلك الاتجاه الإيجابي الذي شهدته مؤخرا، في ظل تحسن نمو الائتمان المقدم لهذا القطاع.
وارتفعت مبيعات العقارات الاستثمارية بنسبة 82% خلال النصف الأول من العام الحالي، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى تزايد الطلب في المناطق الحضرية الداخلية (كمدينة الكويت ومحافظة حولي)، وربما تلقت المعنويات تجاه هذا القطاع أيضا دفعة قوية جراء التعديلات الأخيرة التي طرأت على اشتراطات السكن الاستثماري في لائحة البناء الجديدة، والتي تهدف إلى تحديث إطار التخطيط الحضري وتحفيز المطورين العقاريين.
وتشمل التغييرات السماح بإقامة السكن الاستثماري المختلط داخل مدينة، الكويت وإدخال الاستوديو ضمن فئة الشقق الاستثمارية، وتنظيم استغلال السراديب في المباني الاستثمارية، وإضافة أنشطة جديدة بالاستعمالات التجارية في مناطق السكن الاستثماري كالجمعيات الخيرية والمكتبات، وزيادة بنسبة 50% في نسب البناء للعقارات المخصصة للرعاية السكنية.
أما على صعيد العقارات التجارية، فقد استقرت المبيعات خلال الربع الثاني من عام 2025 عند 104 ملايين دينار، دون تغيير يذكر على أساس ربع سنوي، لكنها تراجعت بشكل حاد بنسبة 65% على أساس سنوي، نتيجة للصفقات عالية القيمة التي أبرمت في الفترة المماثلة من عام 2024. ويعكس الأداء الضعيف لهذا القطاع استمرار معنويات الحذر، إلى جانب توجه رؤوس الأموال نحو فئات عقارية أكثر سيولة أو أعلى عائدا.
وعلى صعيد أسعار القطاعات العقارية المختلفة في الربع الثاني، ذكر تقرير البنك الوطني أن مؤشر الأسعار العقارية سجل ارتفاعا هامشيا بنسبة 0.2% على أساس ربع سنوي خلال الربع الثاني من عام 2025، بدعم من زيادة بلغت 1.2% في أسعار الوحدات السكنية، وهي نسبة أعلى من الارتفاع المسجل في الربع السابق بنسبة 0.5%.
وعلى أساس سنوي، ارتفعت أسعار العقارات بنسبة 2.9%، إذ قادت أسعار العقارات الاستثمارية هذا الاتجاه الصعودي بزيادة سنوية قدرها 7.1%. وفي المقابل، أظهرت أسعار الوحدات السكنية مؤشرات على الاستقرار، إذ تراجعت بنسبة 0.5% فقط على أساس سنوي، مقارنة بانكماش بلغت نسبته 1.7% في الربع السابق.
ولفت التقرير إلى أن التباين في اتجاهات الأسعار ساعد على تضييق الفجوة السعرية بين القطاعين، إذ واصلت العقارات الاستثمارية تحقيق زخم تصاعدي، فيما حافظت أسعار القطاع السكني على استقرار نسبي.
وعلى الرغم من استمرار قيود القدرة على تحمل التكاليف في القطاع السكني، إلا أن ارتفاع الأسعار بصفة مستمرة على أساس ربع سنوي لثلاثة أرباع متتالية يشير إلى التراجع التدريجي لحدة هذه الضغوط، والذي قد يكون بدعم من التوقعات باقتراب إقرار قانون التمويل العقاري، الذي من شأنه تخفيف اختناقات الاقتراض وتعزيز الطلب.