أعلن الديوان الملكي السعودي، أمس الثلاثاء، وفاة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، والرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء، ورئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي.
ويعتبر الراحل ثالث مفتٍ للمملكة العربية السعودية بعد الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ عبدالعزيز بن باز. واشتهر، رحمه الله، بفقهه الواسع واعتداله، وكان له دوره البارز في إرشاد الأمة وتوجيهها، واستمر في خطابة الحجيج في مسجد نمرة 35 عاما، من 1982 إلى 2015، وهو بذلك أطول خطيب يخطب في عرفة على مدار تاريخ الأمة الإسلامية.
ولد الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في مكة المكرمة عام 1943، وحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ محمد بن سنان. عرف، رحمه الله، منذ طفولته بالجد والاجتهاد، ورغم فقدانه البصر في العشرينيات من عمره، استمر في طلب العلم الشرعي حتى أصبح من أبرز تلاميذ مفتي السعودية الأسبق محمد بن إبراهيم آل الشيخ.
تلقى، رحمه الله، علوم التوحيد والفقه والعقيدة على أيدي كبار العلماء، ومنهم الشيخ عبدالعزيز بن باز الذي علمه علم الفرائض، ثم التحق بمعهد إمام الدعوة العلمي بالرياض عام 1374هـ، ليواصل بعدها دراسته في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حتى تخرج عام 1384هـ متخصصا في الشريعة والعربية.
بدأ الراحل التدريس بمعهد إمام الدعوة، قبل أن ينتقل إلى كلية الشريعة بالرياض أستاذا مساعدا ثم مشاركا، كما درس في المعهد العالي للقضاء. عرف بدوره في الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه، وإسهاماته الأكاديمية في الجامعات السعودية، إلى جانب حضوره البارز في الندوات والمحاضرات داخل المملكة وخارجها.
ارتبط اسمه بالمساجد الكبرى، فبعد وفاة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ تولى إمامة جامع الشيخ محمد بن إبراهيم في الرياض، ثم جامع الإمام تركي بن عبدالله. ومنذ عام 1402هـ أصبح خطيب مسجد نمرة بعرفة، حيث ارتبط صوته بملايين الحجاج كل عام في خطبة يوم عرفة.
انضم إلى هيئة كبار العلماء عام 1407هـ، ثم اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عام 1412هـ. وفي عام 1416هـ، عين نائبا للمفتي العام، وبعد رحيل الشيخ عبدالعزيز بن باز عام 1420هـ الموافق 1999م، صدر الأمر الملكي بتعيينه مفتيا عاما للمملكة ورئيسا لهيئة كبار العلماء، إضافة إلى رئاسته العامة للبحوث العلمية والإفتاء، وهو المنصب الذي ظل فيه حتى وفاته.
ترك، رحمه الله، بحسب ما ذكر موقع «سبق» السعودي، العديد من المؤلفات البارزة في العقيدة والفقه والفتوى، منها الجامع لخطب عرفة وحقيقة شهادة أن محمدا رسول الله. كما جمعت فتاواه في مؤلفات متعددة ضمن برنامج نور على الدرب، شملت قضايا الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج، وأصبحت مرجعا للمسلمين في مختلف أنحاء العالم.
كما كان للراحل حضوره في المحافل العلمية، إضافة إلى المشاركة في الندوات وإلقاء المحاضرات والدروس، وكذلك المشاركة في البرامج الدينية في الإذاعة والتلفاز.
وكان، رحمه الله، يعتبر أنه إذا أخضع المسلم عقله لمقتضى نصوص الكتاب والسنة، وصبغ حياته بصبغة إسلامية فهو مبشر بالفوز والفلاح في الدنيا، وفي الدار الآخرة سوف يفوز بالجنة والنعيم المقيم، فالإسلام جاء لهداية البشرية إلى الصراط المستقيم، فلم يترك الإسلام أمرا إلا وبين حكمه في نصوص صريحة واضحة في كتاب الله الكريم، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ببيان شاف ليس للشك فيها مجال ولا للزيغ عنها مساغ، ولا لأحد في مخالفتها عذر ولا حجة ولا برهان. والواجب عليه كذلك إذا اشتبه عليه شيء من أمر الدين أن يرجع إلى محكماته وثوابته وألا يتبع المتشابه، فاتباع المتشابه من صفات الذين في قلوبهم زيغ وضلال.