- رئيس الجمهورية: زياد الرحباني لم يكن مجرد فنان بل كان حالة فكرية وثقافية متكاملة وضميراً حياً وصوتاً متمرداً على الظلم
- رئيس الحكومة: بغياب زياد الرحباني يفقد لبنان فناناً مبدعاً استثنائياً وصوتاً حراً ظل وفيا لقيم العدالة والكرامة و جسد التزاماً عميقاً بقضايا الإنسان والوطن
- رئيس مجلس النواب: لبنان من دون زياد اللحن حزين والكلمات مكسورة الخاطر والستارة تسدل على فصل رحباني إنساني ثقافي فني ووطني لا يموت
بيروت - بولين فاضل
خسر لبنان والوطن العربي فنانا «لا يتكرر»، هو زياد الرحباني نجل السيدة فيروز والراحل عاصي الرحباني عن عمر 69 عاما بعد صراع مع المرض. وهو الفرد الثالث من عائلة فيروز يغيب بعد زوجها عاصي (1986) وابنتها ليال (1988)، لتبقى «السيدة» مع ابنتها ريما وابنها المريض هلي الذي تواظب على خدمته في منزلها بالرابية.
وفي معلومات لـ «الأنباء» من مقربين من زياد، أن الأخير مصاب أكثر من 6 سنوات بالتهاب في العمود الفقري من الظهر، وقد عانى ومنذ فترة من انحناء شديد في الظهر، وخضع للعلاج في روسيا وألمانيا وفي لبنان بمستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، لكنه عزل نفسه في آخر عامين عن عارفيه، وفي آخر شهرين ما عاد أصدقاء له يعرفون عنه سوى القليل. واقتصر التواصل معه على الممثل طارق تميم ومساعده أحمد مدلج، والمساعدة الإثيوبية التي تعيش في المنزل.
وفي المعلومات أيضا ان حالة زياد ساءت في الشهرين الأخيرين، ودخل المستشفى مرات عدة، آخرها في 19 يوليو الجاري، وطلب الا يعرف أحد بالأمر، علما انه كان انتقل منذ شهرين للإقامة في منزل والدته بالرابية. وفور وفاته، حضرت إلى المستشفى شقيقته ريما والممثل تميم والمساعد مدلج والأمين العام للحزب الشيوعي حنا غريب.
وأعرب رئيس الجمهورية عن ألمه لغياب الرحباني وقال في بيان: «زياد الرحباني لم يكن مجرد فنان، بل كان حالة فكرية وثقافية متكاملة. وأكثر، كان ضميرا حيا، وصوتا متمردا على الظلم، ومرآة صادقة للمعذبين والمهمشين، حيث كان يكتب وجع الناس، ويعزف على أوتار الحقيقة، من دون مواربة. ومن خلال مسرحه الهادف وموسيقاه المتقدة بالإبداع المتناهي بين الكلاسيك والجاز والموسيقى الشرقية، قدم رؤية فنية فريدة، وفتح نوافذ جديدة في التعبير الثقافي اللبناني بلغ العالمية وأبدع بها.
لقد كان زياد امتدادا طبيعيا للعائلة الرحبانية التي أعطت لبنان الكثير من نذر الجمال والكرامة، وهو ابن المبدع عاصي الرحباني والسيدة فيروز، سفيرتنا إلى النجوم، التي نوجه لها اليوم أصدق التعازي، وقلوبنا معها في هذا المصاب الجلل، تشاركها ألم فقدان من كان لها أكثر من سند. كما نعزي العائلة الرحبانية الكريمة بهذه الخسارة الكبيرة».
دفن بسيط
وقد سارع رئيس الجمهورية إلى الاتصال بالسيدة فيروز مقدما التعزية لها بوفاة نجلها الفنان زياد، ومبديا الرغبة بوداع يليق به. وبحسب معلومات «الأنباء» أن رغبة فيروز كانت بـ «دفن بسيط وصغير كما يحب زياد».
كذلك كتب رئيس الحكومة نواف سلام في حسابه على منصة «إكس»: «بغياب زياد الرحباني، يفقد لبنان فنانا مبدعا استثنائيا وصوتا حرا ظل وفيا لقيم العدالة والكرامة. زياد جسد التزاما عميقا بقضايا الإنسان والوطن. ومن على خشبة المسرح، وفي الموسيقى والكلمة، قال زياد ما لم يجرؤ كثيرون على قوله..».
ونعى رئيس مجلس النواب نبيه بري الفنان زياد الرحباني، وقال: «لبنان من دون زياد اللحن حزين.. والكلمات مكسورة الخاطر.. والستارة تسدل على فصل رحباني إنساني ثقافي فني ووطني لا يموت. أحر التعازي للعظيمة فيروز ولآل الرحباني وجميع اللبنانيين..».
ألقاب الراحل
عبقري.. سابق عصره.. سر أبيه.. ابن فيروز وعاصي.. كلها أوصاف وصفات أطلقت على زياد الرحباني، لكن الاسم وحده يختزل كل الرحلة.
وقد اختصر أحد رفاق زياد الرحباني الذي تواصلت معه «الأنباء» الراحل بالقول: «كلمة عبقري قليلة عليه كفنان.. أما كإنسان، فصدقه الكبير مع نفسه ومع الآخرين كان إلى حد أذية النفس».
وفي المعلومات التي حصلت عليها «الأنباء» حول أسباب الوفاة، أن زياد يتألم منذ أكثر من 6 سنوات جراء مرض نادر جدا أصاب العمود الفقري في ظهره وجعله غير قادر على الجلوس أو السير والظهر مستقيم، وقد قاده البحث عن علاج إلى ألمانيا ثم إلى روسيا التي وجد فيها علاجا حسن من وضعه قبل أن يعود ويتراجع منذ سنتين، ويؤدي به إلى عزلة اجتماعية حتى عن أقرب أصدقائه. وقبل شهرين، تدهورت صحته فصار يتردد على المستشفى ويدخل ويخرج، حتى انه نقل إقامته من منزله في منطقة الحمرا في قلب بيروت إلى منزل والدته فيروز في الرابية شمال شرق بيروت. وقبل أسبوع، نقل زياد إلى مستشفى خوري في الحمرا-بيروت وفارق الحياة فيها.
وزياد الرحباني دخل عالم الفن والإبداع باكرا جدا وهو ابن 17 عاما، حين لحن أغنية «سألوني الناس» لوالدته بسبب مرض والده عاصي، قبل أن تكر السبحة بكتابته وتلحينه أغنيات لوالدته ولفنانين آخرين.
وللمسرح، كتب أعمالا وأخرجها وأنتجها، وأدى أدوارا فيها مثل «سهرية» (1973)، «نزل السرور» (1974)، «بالنسبة لبكرا شو؟» (1978)، «فيلم أميركي طويل» (1980)، «شي فاشل» (1983)، «بخصوص الكرامة والشعب العنيد» (1993)، و«لولا فسحة الأمل» (1994).
أما أغاني فيروز التي لحنها زياد الرحباني، فتشمل مجموعة واسعة من الألحان الشهيرة، منها «سألوني الناس»، «حبيتك تنسيت النوم»، «سلملي عليه»، «كيفك أنت»، «صباح ومسا»، «ع هدير البوسطة»، و«حبوا بعضن». كما لحن لها أيضا «وحدن»، «ايه في أمل»، «ضاق خلقي»، «مش قصة هاي»، «معرفتي فيك»، و«مش كاين هيك تكون».
وإذا كان زياد الرحباني قد فارق الحياة بفعل مرض في الظهر، فإن فيروز وكما قال كثيرون «انكسر ظهرها» بوفاة ابنها، ولسان حالها اليوم أنها الأم الحزينة.