يقول تعالى (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك).
يقول ابن كثير في تفسيره: المراد به هنا غليظ الكلام، لقوله بعد ذلك: «غليظ القلب» أي: لو كنت سيء الكلام قاسي القلب عليهم لانفضوا عنك وتركوك، ولكن الله جمعهم عليك، وألان جانبك لهم تأليفا لقلوبهم.
الأسلوب الجاف والردود الغليظة تنفر الناس منك وتبعدهم عنك، وتخلق حاجزا بينك وبينهم، فتشعر مع مرور الأيام بوحدة قاتلة، وفراغ قاس، فيتغير تعاملهم لك بسبب سوء تعاملك، ويزداد نفورهم منك بسبب نشوز أقوالك، فتصرفات الناس وأقوالهم قائمة على الفعل وردة الفعل، فأحسن في فعلك وقولك ستجد ردات الفعل جميلة.
الأخلاق منها ما هو مكتسب ومنها ما هو متجذر فيك لا تحتاج لجهد لإبرازه، والبشر لديهم الأخلاق الحسنة والسيئة كذلك، فتعلو هذه تارة وتخفت تارة، وتعلو الأخرى تارة وتخفت تارة.
لكن ما يملكه الإنسان هو ضبط نفسه وإرغامها على التخلق بالأخلاق الحميدة، فمن يرغب بالكمال لابد أن يسعى إليه، ومن يرغب بتحسين صورته الخارجية لابد أن يجتهد، ومن يرغب بالنجاح لابد أن يطلبه.
لا أعلم لماذا يقسو بعضنا على بعض من دون سبب واضح، ولماذا يسيء أحدنا الأدب مع الغير من دون أن يتثبت، ولماذا يتكلم فيه من وراء ظهره دون أن يواجهه أولا. مع أن وسائل الاتصال متوافرة، والأوقات متاحة، والأشخاص قد لا يكونون بعيدين عنك.
من حسن خلق الإنسان ألا يركن لظنونه ووساوسه، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم..» رواه البخاري. في قصة أم المؤمنين صفية.
فالتثبت والسؤال وطلب التوضيح يجب أن يكون بالمقام الأول، قبل أن تسيء الأدب وتكون قاسيا وفظا بالمقام الثاني.
asfor83@gmail.com