بيروت ـ عامر زين الدين
التحالف السياسي بين حزبي «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» من جهة وبين «التيار الوطني الحر» و«الأحرار» وجانب كبير من المجتمع المدني وقوى التغيير من جهة أخرى، شكل عنوان خوض الانتخابات البلدية والاختيارية في قضاءي الشوف وعاليه في الجبل، وان كان السمة الأكثر تأثيرا بدت للأصوات البعيدة من التقيد بالتوجيهات الحزبية ولاسيما الشبابية منها، التي تحاول الاستفادة من ابتعاد المناصرين عن الأحزاب ما يساعدها في ترجيح الكفة في أكثر من بلدة.
وعليه، استعرت المعارك الانتخابية على جبهات عدة، بعضها ذات طابع سياسي يتجلى في قرى وآخر عائلي في بلدات ثانية، بعد فشل محاولات التوافق بين المرشحين.
فالاحتدام الانتخابي في «عاصمة الأمراء» دير القمر ذات الثقل المسيحي في الشوف طفا على السطح، والانقسام السياسي والأهلي عكس حدة المعركة. واللائحتان الاساسيتان، باستثناء الثالثة الأهلية غير المكتملة، تخوضان تحدي اثبات الوجود. فالأولى شبابية انضوى تحت عباءتها «التيار الوطني الحر» و«الأحرار» والمجتمع المدني، فيما الثانية التي شقت طريقها «بقطع النفس»، تضم تحالف «القوات» و«التقدمي» والوزير السابق ناجي البستاني. وتدور رحى «أم المعارك» في الشوف على العائلات «الديرية» التي يدعم توازنها النائب فريد البستاني.
اما في بعقلين «مدينة فخر الدين» نظيرة دير القمر وجارتها، فقد دعم «الاشتراكي» فيها مرشحا قياديا حزبيا لرئاسة البلدية من عائلة الغصيني، كبرى عائلات البلدة إلى جانب عائلة حمادة، التي تستحوذ على النيابة منذ عشرات السنوات. شكل الأمر إحراجا لبقية العائلات، وأدى الأمر إلى ظهور لائحة بوجهها مدعومة من عائلة القعسماني وعائلات ثانية، لتشكل النقيض واثبات الوجود العائلي، ورفضا لحصر رئاسة البلدية في عائلة لثلاث دورات متتالية.
وعلى المستوى «الشوفي» الدرزي أيضا، لاقى الترشيح العلني لرئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط لمرشح على رئاسة بلدية الباروك، التي تعتبر من البلدات الكبيرة في المنطقة المختلطة درزيا ومسيحيا وذات الغالبية الجنبلاطية، تفاعلا كبيرا وانقساما بين مؤيد ومعارض، ضمن الخط السياسي نفسه، حيث يترشح رجل أعمال على رأس لائحة مناهضة.
وتداولت تطبيقات إعلامية وعدد من وسائل التواصل انسحاب «واقعة» الباروك على بلدة مزرعة الشوف مثيلتها حجما، لصالح لائحة دون الأخرى، علما انهما يصبان في الخانة الجنبلاطية نفسها، ما اضطر الحزب «الاشتراكي» لإصدار بيان عن مفوضية الاعلام رفضت فيه «الأخبار المدسوسة».
بالنسبة إلى مدينة عاليه، أدى الاتفاق في اللحظات الاخيرة على انسحاب المرشح المقابل لرئيس البلدية وجدي مراد إلى إراحة الاجواء وحسم المعركة، بعدما تنازعت فيها العائلية والحزبية.
اتفاق عاليه بين الخط الواحد سرى على مدينة الشويفات، التي تشكل الثقل الجنبلاطي والارسلاني. وعلى غرار المرة السابقة منح جنبلاط رئيس الحزب «الديموقراطي» طلال ارسلان حق اختيار وتسمية المجلس البلدي ويكون مدعوما من «التقدمي»، لإبقاء الولاء السياسي البلدي على قدمه وإبعاد المدينة الأغنى صندوقا ماليا على مستوى الجبل عن أي انقسام درزي بين الحزبين. ياتي ذلك في الوقت الذي تشهد العلاقة بين البيتين الجنبلاطي والإرسلاني مساحة من التفاهم والاستقرار بينهما.
وعلى خط الحماوة الانتخابية، فإن بلدة الناعمة الساحلية للشوف التي اتخذت قرار المقاطعة نتيجة عدم فصلها عن حارة الناعمة، شكلت عقبة كبيرة أمام الساعين إلى إمرار الاستحقاق بأقل الخسائر الممكنة، وذلك على مسافة سنة من الاستحقاق النيابي والقلق الذي ينتاب القوى السياسية من نتائجه. في حين تشهد الدامور معارك عائلية، ومثلها كفرمتى (الشحار الغربي)، فيما يتجه قسم من الدروز في كفرقطرة إلى المقاطقة احتجاجا على عدم الاطمئنان إلى فوز المختار الدرزي، بحسب العرف القائم والذي كسر في الانتخابات السابقة.
اما لناحية بقية قرى وبلدات الشوف، فإن الأحزاب تستنجد ببعضها لضمان فوزها في لائحة وإسقاط أخرى. ولعل أكثر المستفيدين من تلك النتائج حزب «القوات اللبنانية»، الذي سيعزز حضوره في قضاءي الشوف وعاليه على نحو أكبر مما كان عليه سابقا.