أثارت الاشتباكات الحدودية بين الهند وباكستان مخاوف دولية من تحولها إلى حرب شاملة بين القوتين النوويتين، قد تكون الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية في حال وقوعها.
وبعدما أسفر تبادل القصف عن وقوع عشرات القتلى والإصابات بين الجانبين تصاعدت الدعوات الدولية لإسلام آباد ونيودلهي إلى احتواء التوتر وفتح المجال للجهود الديبلوماسية لإيجاد التفاهم بينهما.
وتسببت أوسع مواجهة عسكرية منذ عقدين، في سقوط 26 قتيلا في الجانب الباكستاني و12 في الطرف الهندي، فضلا عن عشرات الجرحى.
وقال مجلس الأمن القومي الباكستاني في اجتماع طارئ عقده أمس: نرفض مزاعم الهند بوجود معسكرات إرهابية على أراضينا. وأضاف:«الهند أشعلت نار الحرب بالمنطقة وتتحمل العواقب».
ودعا «المجتمع الدولي إلى إدراك خطورة أفعال الهند غير القانونية وغير المبررة، ومحاسبتها على انتهاكاتها الصارخة للأعراف والقوانين الدولية».
وقالت وزارة الخارجية الباكستانية إنها استدعت القائم بالأعمال الهندي في إسلام آباد «للاحتجاج على القصف الذي يشكل انتهاكا صارخا لسيادة باكستان». وتبادل الجيشان القصف المدفعي على طول الحدود المتنازع عليها في كشمير بعد ضربات جوية هندية على الأراضي الباكستانية فيما اعتبر ردا على اعتداء باهالغام في ابريل الماضي الذي أودى بحياة سياح هنود في إقليم كشمير المتنازع عليه ونفت إسلام اباد صلتها به.
وقالت الناطقة باسم الجيش الهندي اللفتنانت كولونيل فيوميكا سينغ إن الضربات «استهدفت تسعة معسكرات إرهابية ودمرتها»، موضحة أن الأهداف «اختيرت لتجنب أي أضرار للمنشآت المدنية ووقوع خسائر بشرية».
لكن الناطق باسم الجيش الباكستاني الجنرال أحمد شودري قال ان القصف الهندي الذي أصاب 6 مدن في كشمير والبنجاب في باكستان تسبب في مقتل 26 مدنيا على الأقل وإصابة 46 آخرين، على ما قال الناطق. وألحقت هذه الضربات أيضا أضرارا بسد نيلوم-جيلوم لتوليد الطاقة في باكستان، بحسب شودري. بدورها، أكدت الهند سقوط ما لا يقل عن 12 قتيلا و38 جريحا في بلدة بونش في كشمير الهندية جراء القصف المدفعي والمعارك التي تواصلت أمس حول البلدة التي استهدفت بوابل من القذائف، على ما أفادت وكالة فرانس برس.
ونقلت وكالة «برس تراست أوف إنديا» للأنباء عن فاروق أحد سكان بونش قوله «استيقظنا على القصف. سمعت انفجارات، وخشيت من انهيار السقف علينا». وفي وقت سابق من الليل هزت انفجارات عنيفة أيضا محيط مدينة سريناغار الرئيسية في الشطر الهندي من كشمير.
وأفاد مصدر أمني هندي بتحطم ثلاث طائرات مطاردة لسلاح الجيش الهندي لأسباب لم توضح على الفور. ولم يكشف المصدر عن مصير الطيارين.
وأكد وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف لوكالة فرانس برس، أن باكستان أسقطت «خمس طائرات معادية» من دون مزيد من التفاصيل. وتحدثت تقارير اعلامية عن انها 3 من طراز رافال اضافة إلى طائرتين من طراز ميغ وسوخوي. ورأى المحلل برافين دونتي من مركز الدراسات «انترناشونال كرايسيس غروب» أن «مستوى التصعيد تجاوز الأزمة الأخيرة في 2019، مع تداعيات رهيبة محتملة»، حين ضربت نيودلهي في تلك السنة الأراضي الباكستانية بعد هجوم قاتل على موكب عسكري هندي في كشمير.
دوليا، أجرى الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري اتصالا هاتفيا مع محمد شهباز شريف رئيس وزراء باكستان. وقالت وكالة الانباء القطرية «قنا» إنه جرى خلال الاتصال استعراض علاقات التعاون بين البلدين، ومناقشة آخر تطورات الأزمة بين الهند وباكستان، وسبل حلها عبر الديبلوماسية.
وأعرب رئيس الوزراء القطري عن قلق دولة قطر البالغ من استمرار التصعيد بين باكستان والهند، مؤكدا دعمها الكامل لجميع الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى حل القضايا العالقة بين البلدين عبر الحوار والوسائل السلمية. من جهتها، قالت وزارة الخارجية العمانية في بيان إنها تتابع بقلق بالغ التصعيد العسكري الحالي، داعية إلى تغليب الحلول السياسية حفاظا على الأمن والاستقرار وتحقيقا للسلام والتعايش السلمي والوئام.
وأعربت بريطانيا عن قلقها البالغ من التوترات والمواجهات العسكرية بين البلدين، داعية اياهما إلى التحلي بضبط النفس والدخول في مفاوضات مباشرة تنهي الخلافات بطريقة ديبلوماسية وسلمية. وأكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في بيان انه أجرى محادثات مع نظيريه الباكستاني والهندي موضحا لهما ان تطور الحرب لن يصب في مصلحة أي بلد ولن يخرج منها أحد منتصرا.
وشدد على ضرورة التزام الجانبين بالعمل بأسرع وقت ممكن على استعادة الاستقرار الإقليمي وحماية المدنيين. وأدانت وزارة الخارجية التركية الهجوم الصاروخي الذي شنته الهند على باكستان، مؤكدة أنه «أثار خطر اندلاع حرب شاملة».
وأضافت الخارجية التركية في بيان أنها «تتابع بقلق التطورات الجارية بين باكستان والهند»، داعية الطرفين إلى التصرف بحكمة وتجنب الأعمال أحادية الجانب. وأكدت دعم تركيا لدعوة باكستان إلى إجراء تحقيق في الهجوم الإرهابي الذي وقع في 22 أبريل الماضي في كشمير المتنازع عليها وتوعدت الهند بالرد عليه. وأعربت أنقرة عن أملها في اتخاذ التدابير اللازمة لخفض التوتر في المنطقة بأسرع وقت ممكن وإنشاء الآليات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الأحداث.
بدوره، حض الاتحاد الأوروبي الجارتين الآسيويتين على اتخاذ إجراءات فورية لوقف التصعيد. وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي أنور العنوني أمام الصحافيين «نحث كلا الجانبين على ضبط النفس واتخاذ اجراءات فورية نحو خفض التصعيد. ويذكر الاتحاد الأوروبي بضرورة التوصل إلى حل سلمي دائم ومتفق عليه للنزاع عن طريق التفاوض».
وأعربت طهران عن «قلق عميق» إزاء أعنف اشتباك منذ 20 عاما بين الهند وباكستان. وقالت وزارة الخارجية في بيان إن ايران الجارة لباكستان «تعبر عن قلقها العميق إزاء تصاعد التوترات» وكانت أرسلت الأسبوع الماضي وزير خارجيتها عباس عراقجي إلى إسلام اباد في محاولة للتوسط بين البلدين. من جهتها، شددت وزارة الخارجية الروسية في بيان على أهمية التهدئة الفورية للحؤول دون اتساع رقعة العنف وحل الخلافات بين نيودلهي وإسلام أباد بالوسائل السياسية والدبلوماسية. ودعت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا في بيان منفصل إلى ضرورة تجنب أي خطوات تؤدي إلى مزيد من التصعيد، مؤكدة أن موسكو تدعم بقوة جهود مكافحة «الإرهاب» شريطة ألا تكون مبررا لتوسيع الصراع.
وأكدت زاخاروفا أن الحل السلمي يظل المسار الوحيد الكفيل بالحفاظ على الاستقرار في جنوب آسيا، داعية المجتمع الدولي إلى توحيد الجهود لمحاربة هذا الخطر المشترك بعيدا عن الخيارات العسكرية.