اعتمد مجلس الاتحاد الأوروبي أمس، الإجراءات القانونية لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية رسميا، في خطوة وصفت بأنها «تاريخية» تهدف إلى دعم الشعب السوري في مرحلة إعادة الإعمار والانتقال السياسي.
ويأتي هذا القرار تتويجا لاجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، الذين أجمعوا على إنهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة سابقا، مع استثناء التدابير ذات الطابع الأمني التي لاتزال سارية لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان والاستقرار الإقليمي.
وقال الاتحاد الأوروبي في بيان، إن قرار رفع العقوبات الذي دخل حيز التنفيذ أمس ليسهل التعاون مع الشعب ومؤسساته من أجل بناء سورية الجديدة.
وبحسب البيان الصادر عن مجلس الاتحاد الأوروبي، فإن الإجراءات القانونية ترفع جميع التدابير الاقتصادية التقييدية المفروضة على سورية، ومن ذلك القيود المتعلقة بالقطاعين المالي والطاقة، باستثناء تلك التي تستند إلى مخاوف أمنية أو انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، محذرا من أن شبكة نظام الأسد المنتشرة داخل البلاد وخارجها، لم تحل بعد ولم تخضع للمساءلة، ولايزال هناك خطر حقيقي من زعزعة الاستقرار وإمكانية عودة نفوذ النظام السابق.
وأكد الاتحاد الأوروبي أن فلول الأسد دبرت الحوادث الأخيرة التي شهدتها المناطق الساحلية السورية، والتي أدت إلى أعمال عنف دامية، وهدفت إلى تقويض العملية الانتقالية.
وأضاف الاتحاد الأوروبي، «لاتزال الشخصيات والكيانات المدرجة على لوائح العقوبات ممن ترتبط بالنظام السابق تلعب أدوارا مؤثرة، وقد تسهم في تمويل أو دعم محاولات لنسف عملية الانتقال السياسي».
وفي السياق، أدرج الاتحاد الأوروبي إلى قوائم عقوباته شخصين وثلاثة كيانات، بسبب ارتباطهم بأحداث الساحل السوري.
ووفق قرار «الاتحاد»، من بين الأشخاص المعاقبين القياديان محمد حسين الجاسم، الملقب بـ «أبو عمشة»، وسيف بولاد «أبو بكر» قائد فرقة «الحمزات».
وذكر القرار أن الكيانات التي يقودها هذان الشخصان كانت مسؤولة عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات القتل التعسفي في أثناء أعمال العنف التي شهدتها المنطقة الساحلية في مارس 2025.
وأدرج الاتحاد الأوروبي على قوائم عقوباته ثلاثة كيانات هي «لواء السلطان سليمان شاه»، الذي كان يقوده «أبو عمشة»، وفرقة «الحمزات» التي كان يقودها «سيف أبو بكر» و«فرقة السلطان مراد»، التي يقودها فهيم عيسى، إلا أن العقوبات الجديدة لم تشمل فهيم عيسى بشكل شخصي، وإنما طالت الكيان الذي يقوده فقط.
كذلك أشار إلى وجود أكثر من 100 موقع مشتبه باحتوائه على أسلحة كيماوية في سورية، وهو رقم يتجاوز بكثير ما تم الاعتراف به سابقا، داعيا إلى تدميرها لما في ذلك «أولوية لضمان سلامة السكان».
وقرر مجلس الاتحاد الأوروبي تمديد العقوبات المفروضة على النظام السوري السابق حتى 1 من يونيو 2026، مع إدخال تعديلات متعددة على مواده، شملت:
- تعديل آلية إدراج الأشخاص والكيانات على قوائم العقوبات، استنادا إلى ارتباطهم بالنظام السابق، أو مشاركتهم في القمع، أو نشاطهم في قطاع الأسلحة الكيماوية.
- تجميد أموال الأشخاص والكيانات المحددة، ومنع توفير الموارد الاقتصادية لهم بشكل مباشر أو غير مباشر.
- استثناءات محدودة تتيح الإفراج عن أموال مجمدة أو السماح بتوفير موارد مالية لأغراض إنسانية أو تعليمية، ضمن شروط صارمة.
- منح الدول الأعضاء الحق في السماح بالتعاون مع بعض الكيانات المدرجة في مجالات إعادة الإعمار، وبناء القدرات، ومكافحة الإرهاب، والهجرة.
وشمل القرار شطب 24 كيانا سوريا من قائمة العقوبات، من بينها مصرف سورية المركزي ومصارف وشركات تنشط في مجالات حيوية مثل النفط وتكريره والقطن والاتصالات والإعلام.
واعتبر هذا الإجراء خطوة رئيسية نحو إعادة إدماج الاقتصاد السوري في النظام المالي الدولي وتحفيز الاستثمار الأجنبي.
من جهتها، صرحت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أن هذا القرار «هو ببساطة الشيء الصحيح الذي ينبغي للاتحاد الأوروبي القيام به في هذا الوقت التاريخي لدعم تعافي سورية بشكل حقيقي وانتقال سياسي يلبي تطلعات جميع السوريين. لقد وقف الاتحاد الأوروبي إلى جانب الشعب السوري طوال السنوات الـ14 الماضية، وسيستمر في ذلك».