ذكر تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني أن تباطؤ بيانات التضخم الأميركية ساهم في تعزيز التوقعات بقيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، حيث انخفض معدل التضخم الأساسي إلى 2.5%، ليصل إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ مارس 2021، في إشارة إلى استمرار انحسار الضغوط التضخمية.
وارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة بنسبة 0.1% على أساس شهري في أبريل 2025، بما يتسق مع توقعات السوق، بينما ارتفع المؤشر الأساسي، الذي يستثني تكاليف الغذاء والطاقة، بنسبة 0.1%، وعلى أساس سنوي، تباطأ معدل التضخم الكلي إلى 2.1%، ليصل بذلك إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ سبعة أشهر، مقابل 2.3% في مارس، وأقل من التقديرات البالغة 2.2%.
ولفت التقرير إلى أن اجتماع محضر الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، المنعقد بالفترة من 6 إلى 7 مايو، سلط الضوء على تصاعد المخاطر التي تهدد التفويض المزدوج للمركزي الأميركي، والمتمثل في استقرار الأسعار والتوظيف الكامل، إذ حذر المسؤولون من احتمال تسجيل الاقتصاد معدلات مرتفعة من التضخم والبطالة في آن واحد.
ووصل معدل البطالة في أبريل إلى 4.2%، في وقت لا يزال فيه التضخم المرتفع مصدر قلق رئيسي لصانعي السياسات. وأبقى الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير في نطاق يتراوح بين 4.25% و4.50%.
من جهة أخرى، أشار تقرير «الوطني» إلى أن محكمة التجارة الدولية الأميركية قضت بأن الرئيس دونالد ترامب لا يملك السلطة القانونية لفرض رسوم جمركية شاملة، بما في ذلك تلك المفروضة على البضائع الصينية، في حين أعلنت الإدارة نيتها استئناف الحكم.
تقلبات ملحوظة
وعلى صعيد أداء الأسواق العالمية، أشار تقرير البنك الوطني إلى أنها شهدت تقلبات ملحوظة خلال الأسبوع الأخير من مايو الماضي، وذلك في ظل تباين البيانات الاقتصادية، الأمر الذي أدى إلى التأثير على مختلف فئات الأصول.
وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط بأكثر من 1% لتستقر عند نحو 60.3 دولارا للبرميل، متأثرة بتجدد المخاوف التجارية قبيل اجتماع الأوبك وحلفائها المرتقب. وفي وول ستريت، تعرضت الأسهم الأميركية لضغوط هبوطية، مسجلة خسائر بنحو 0.3%، بعد أن أدت اتهامات الرئيس ترامب ضد الصين بزيادة حالة عدم اليقين.
وعلى صعيد العملات، صعد الين الياباني إلى مستوى 142 مقابل الدولار، مستفيدا من تزايد الإقبال على الأصول الآمنة وسط تصاعد المخاوف من عدم استقرار السياسات التجارية وتفاقم الضغوط المالية في الولايات المتحدة.
وفي المقابل، تراجع الدولار الأسترالي إلى نحو 0.643 دولار، متأثرا بضعف معنويات الإقبال على المخاطر عالميا وتزايد التوقعات بتطبيق بنك الاحتياطي الأسترالي تدابير تيسيريه إضافية، في ظل استمرار ضعف المؤشرات الاقتصادية وتباين البيانات الاقتصادية الإقليمية.
تراجع التضخم بأوروبا
وفي أوروبا، ذكر تقرير البنك الوطني أن البيانات الاقتصادية الصادرة مؤخرا كشفت عن اتجاهات متباينة، إذ انخفضت مبيعات التجزئة في ألمانيا بنسبة 1.1% خلال شهر أبريل، في أول تراجع لها منذ أربعة أشهر، متجاوزة التوقعات السلبية بفعل تراجع الطلب على كل من السلع الغذائية وغير الغذائية.
وفي المقابل، واصل التضخم في جنوب أوروبا اتجاهه الهبوطي، إذ تراجع في إيطاليا إلى 1.7% في مايو، مسجلا أدنى مستوياته منذ فبراير، وظل دون المستوى المستهدف الذي حدده البنك المركزي الأوروبي بنسبة 2% للشهر العشرين على التوالي. كما تباطأت وتيرة التضخم في إسبانيا إلى 1.9%، في أدنى مستوياته في 7 أشهر، مدفوعا بانخفاض أسعار النقل والترفيه، إلى جانب اعتدال وتيرة ارتفاع تكاليف الكهرباء. وعلى الرغم من هذا التباين، أنهت الأسواق الأوروبية تعاملات مايو على استقرار نسبي، مسجلة أقوى أداء شهري منذ يناير، وسط استمرار حالة الترقب بشأن التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وتجدد المخاوف بشأن السياسات الحمائية.
ارتفاع الين الياباني
وعلى صعيد أداء الين الياباني، أشار التقرير إلى أنه سجل ارتفاعا ملحوظا متجاوزا مستوى 144 مقابل الدولار بدعم من بيانات مؤشر التضخم الأساسي في طوكيو التي جاءت أقوى من التوقعات. إذ ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي في العاصمة اليابانية بنسبة 3.6% على أساس سنوي خلال مايو 2025، متفوقا على تقديرات السوق البالغة 3.5%، ليسجل بذلك أعلى مستويات التضخم منذ أكثر من عامين. وأعادت هذه البيانات إشعال التوقعات باتجاه بنك اليابان نحو مزيد من التشديد النقدي.
وفي هذا السياق، جدد محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، التأكيد على التزام البنك المركزي بتحقيق المستوى المستهدف للتضخم، مع الإشارة إلى جملة من التحديات التي تؤثر على المشهد الاقتصادي، أبرزها تباطؤ النمو العالمي، وتصاعد عدم اليقين بشأن السياسات التجارية الأميركية، وتراجع ضغوط التضخم المرتبطة بتكاليف الإنتاج، إلى جانب انخفاض أسعار النفط، الأمر الذي أدى إلى خفض توقعات التضخم.
وعلى الرغم من هذه الضغوط، شدد البنك على أن قراراته السياسية في الأجل القريب ستبقى موجهة نحو تحقيق المستوى المستهدف للتضخم البالغ 2%. كما حظي الين الياباني بدعم إضافي من تجدد الإقبال على الأصول الآمنة، في ظل تصاعد التوترات التجارية وتنامي المخاوف بشأن الرسوم الجمركية الأميركية.