استبعدت روسيا أمس تحقيق اختراق سريع باتجاه تسوية النزاع «المعقد للغاية» في أوكرانيا، غداة فشل ثاني جولة من المحادثات المباشرة مع كييف في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقال الناطق باسم «الكرملين» دميتري بيسكوف، خلال مؤتمره الصحافي اليومي، «سيكون من الخطأ توقع حلول واختراقات فورية».
وأضاف أن «مسألة التوصل إلى تسوية معقدة للغاية وتشمل الكثير من المسائل الدقيقة» التي يتعين حلها، وذكر أن موسكو تريد قبل كل شيء «القضاء على الأسباب الجذرية للنزاع» من أجل تحقيق السلام مع كييف.
تربط موسكو وقف القتال بحل هذه «الأسباب الجذرية»، أي وضع الأراضي الأوكرانية التي أعلنت ضمها ورغبة كييف في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهو ما تراه موسكو تهديدا وجوديا.
ولم تنجح الجهود الديبلوماسية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في منتصف فبراير لإنهاء النزاع وإسكات البنادق.
والتقى الروس والأوكرانيون في إسطنبول أمس الأول، في جولة ثانية من المفاوضات بوساطة تركيا، بعد اجتماع أول عقد في 16 مايو الماضي.
لكن موسكو رفضت مجددا عرض الهدنة «غير المشروطة» الذي قدمته كييف ودعمته واشنطن والأوروبيون.
واكتفى الروس والأوكرانيون بالاتفاق على تبادل جميع أسرى الحرب الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما أو المصابين بجروح بالغة، بالإضافة إلى جثامين آلاف العسكريين القتلى.
من ناحية أخرى، لاتزال مطالب الطرفين الجوهرية تبدو غير قابلة للتوفيق.
وقدم الوفد الروسي مذكرة للأوكرانيين تطالب بـ «انسحاب كامل» للجيش الأوكراني من المنطقتين المحتلتين جزئيا دونيتسك ولوغانسك (شرق) ومن زابوريجيا وخيرسون (جنوب) قبل تنفيذ وقف إطلاق النار شامل.
هذه الشروط غير مقبولة لأوكرانيا التي تريد انسحابا كاملا للقوات الروسية من أراضيها، فضلا عن ضمانات أمنية ملموسة مدعومة من الغرب، مثل حماية حلف شمال الأطلسي أو وجود قوات غربية على الأرض، وهو ما ترفضه موسكو تماما.
وتدعو كييف واشنطن وحلفاءها الغربيين إلى فرض مزيد من العقوبات على موسكو لإجبارها على قبول هدنة شاملة، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفض حتى الآن اتخاذ مثل هذه الإجراءات، قائلا إنه لا يريد وضع عراقيل أمام أي اتفاق محتمل.
وفي السياق، وصل وفد من كبار المسؤولين الأوكرانيين إلى واشنطن أمس لمناقشة «الدعم الدفاعي» لبلادهم وقضايا اقتصادية من بينها تشديد العقوبات ضد موسكو، حسبما أعلنت كييف.
على الأرض، تستمر الضربات الدامية، حيث قالت السلطات الأوكرانية إن قصفا روسيا أسفر عن مقتل مدنيين اثنين في قرية بمنطقة خاركيف (شمال شرق) أمس، فيما لقي ثلاثة آخرون على الأقل حتفهم في هجوم صاروخي على مدينة سومي (شمال شرق) خلف أيضا 20 مصابا على الأقل.
وقال الرئيس الأوكراني في تصريح «هذا هجوم متعمد ضد المدنيين»، في إشارة إلى الغارة على سومي.
في المقابل، يواصل الجيش الأوكراني تنفيذ عمليات هجومية نوعية، وأعلنت أوكرانيا أنها فجرت قنبلة تحت جسر القرم الذي يربط شبه الجزيرة بروسيا والذي أصبح هدفا منذ بدء الغزو في عام 2022.
وقال جهاز الأمن الأوكراني (إس بي يو) إنه «نفذ عملية خاصة فريدة من نوعها وضرب جسر القرم للمرة الثالثة ـ هذه المرة تحت الماء»، ونشر لقطات تظهر انفجارا يخرج من الماء وحطاما متطايرا، إلى جانب صورة لبعض الأضرار التي لحقت بجانب الجسر، الذي علقت السلطات الروسية الحركة عليه.
من جهتها، اتهمت روسيا أوكرانيا بالوقوف خلف تفجيرات تسببت قبل ايام بانهيار جسرين وبحوادث قطارات، قالت انها أسفرت عن سبعة قتلى وأكثر من مئة جريح، بينهم اطفال.
وقالت اللجنة الروسية المكلفة التحقيقات الجنائية الرئيسية في بيان «من المؤكد ان إرهابيين يتحركون بناء على أوامر نظام كييف، خططوا لكل شيء بأكبر قدر من الدقة بحيث تطاول تفجيراتهم مئات المدنيين».