ارتفع مستوى التوتر الإقليمي مع تسارع وتيرة التطورات في الشرق الأوسط على وقع إجلاء بعض الموظفين غير الأساسيين وعائلات العسكريين الأميركيين من المنطقة تحسبا لـ «مخاطر محتملة»، وتأهب كل من واشنطن وطهران للجولة السادسة من مباحثاتهما النووية غير المباشرة التي أكدت سلطنة عمان أمس أنها ستستضيفها بعد غد.
وباشرت طائرات عسكرية أميركية إجلاء عاملين غير أساسيين في سفارة واشنطن ببغداد، التي أفادت في بيان بأن «المواطنين الأميركيين في العراق يواجهون مخاطر كبيرة بما في ذلك العنف والخطف».
من جانبه، أكد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة في العراق صباح النعمان، أن «إخلاء بعض العاملين في السفارة الأميركية من بغداد أو مناطق أخرى في الشرق الأوسط هو إجراء احترازي تنظيمي يتعلق بهم، ولا علاقة له بوجود أي مؤشر أمني ميداني داخل الأراضي العراقية».
من جهتها، قالت السفارة الأميركية بمملكة البحرين، في بيان منفصل، إنه «لا تغيير في وضع الموظفين بالسفارة بالمنامة، والعمليات والأنشطة مستمرة كالمعتاد»، حسبما أوردت «سكاي نيوز عربية» أمس.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب للصحافيين في مركز كينيدي إن بعض الديبلوماسيين وعائلات العسكريين الأميركيين في الشرق الأوسط ينقلون من المنطقة لأنها «قد تكون مكانا خطيرا»، مضيفا «أصدرنا إشعارا لهم بالمغادرة، وسنرى ما سيحدث».
بدوره، أشار البيت الأبيض أن قرار الخارجية الأميركية بمغادرة الموظفين غير الأساسيين من العراق «جاء نتيجة مراجعة دورية للموظفين في الخارج».
وقالت نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي في بيان «تجري وزارة الخارجية الأميركية مراجعة دورية للموظفين في الخارج، وقد اتخذ هذا القرار نتيجة مراجعة حديثة».
وأفاد مسؤول عسكري شبكة «سي.إن.إن» الإخبارية، بأن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث أذن بالمغادرة الطوعية للأفراد العسكريين من مواقع تابعة للقيادة المركزية الأميركية بالشرق الأوسط، مشددا على أن «سلامة وأمن أفراد جيشنا وعائلاتهم لايزالان على رأس أولوياتنا، والقيادة المركزية الأميركية تراقب التوترات المتنامية في المنطقة».
في الإطار ذاته، قررت الولايات المتحدة تقييد تنقلات موظفي الحكومة الأميركية وعائلاتهم في إسرائيل بسبب عدم استقرار الوضع الإقليمي.
وقالت السفارة الأميركية بالقدس المحتلة في بيان أمس إنه «بسبب التوتر الإقليمي المتنامي، لا يمكن لموظفي الحكومة الأميركية وأفراد عائلاتهم التنقل خارج نطاق منطقة تل أبيب والقدس ومناطق بئر السبع حتى إشعار آخر. ويسمح بالانتقال من هذه المناطق الثلاث باتجاه مطار بن غوريون ومنه».
جاء ذلك فيما أطلقت إيران مناورات عسكرية تحت مسمى «اقتدار»، مؤكدة انها تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية والردعية للقوات المسلحة وتقييم جاهزيتها والتركيز على تحركات العدو».
كما أعلنت طهران أنها ستبني منشأة نووية جديدة لتخصيب اليورانيوم «في مكان آمن»، وذلك ردا على قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أدان ما وصفه بـ «عدم امتثال» إيران لالتزاماتها النووية، في تحذير جديد قبل إحالة الملف الى الأمم المتحدة.
وايد قرار مجلس محافظي الوكالة الذرية الذي أعدته لندن وباريس وبرلين وواشنطن، 19 دولة من أصل 35، على ما أفادت مصادر ديبلوماسية عدة وكالة «فرانس برس».
وصوتت الصين وروسيا وبوركينا فاسو برفض النص، فيما امتنعت 11 دولة عن التصويت.
ويدعو القرار إيران إلى «العمل بشكل عاجل على إصلاح مسألة عدم امتثالها» لالتزاماتها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي.
كما يعبر القرار عن «أسفه العميق» لأن طهران «رغم النداءات المتكررة من مجلس المحافظين والفرص العديدة المتاحة لم تتعاون بشكل كامل مع الوكالة».
واعتبر القرار أن «عجز الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن تقديم ضمانات بأن البرنامج النووي الإيراني سلمي حصرا، يثير تساؤلات تقع ضمن اختصاص مجلس الأمن الدولي»، الذي يمكنه فرض عقوبات.
في المقابل، أعلنت إيران أنها ستبني منشأة نووية جديدة لتخصيب اليورانيوم «بمكان آمن»، في خطوة توصف بأنها تأتي ردا على قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يدين «عدم امتثال» طهران لالتزاماتها النووية.
وقالت وزارة الخارجية ومنظمة الطاقة الذرية الإيرانيتين في بيان مشترك إنه «تم الإيعاز بإنشاء مركز جديد لتخصيب اليورانيوم في موقع آمن واستبدال الجيل الأول من أجهزة الطرد المركزي في منشأة (فوردو) بالجيل السادس من هذه الأجهزة المتطورة».
وجاء في البيان أن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية التزمت دوما بتعهداتها ضمن اتفاقية الضمانات، وأن تقارير الوكالة الدولية لم تشر حتى الآن إلى عدم التزام طهران بتعهداتها أو وجود انحراف في المواد والأنشطة النووية الإيرانية».
وقال رئيس الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي إن بحرية الحرس الثوري القتالية «جاهزة تماما للرد على أي تهديد وأي سيناريو»، فيما أكد وزير الدفاع الإيراني عزيز نصيرزاده ان «التهديدات الأخيرة الصادرة عن الأعداء لن تبقى من دون رد»، مشيرا إلى أن «القوات العملياتية الإيرانية مجهزة بشكل كامل، وقد أجرت الأسبوع الماضي تجربة ناجحة لصاروخ يحمل رأسا حربيا بوزن 2 طن»، وفقا لما نقلته وكالة أنباء تسنيم الإيرانية، شبه الرسمية.
إلى ذلك، أكد وزير خارجية سلطنة عمان بدر البوسعيدي، أن مسقط ستستضيف الجولة المقبلة من المباحثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران الأحد المقبل. وقال البوسعيدي في منشور بحسابه الرسمي على منصة «إكس»: «يسعدني أن أؤكد أن الجولة السادسة من المحادثات الإيرانية ـ الأميركية ستعقد في مسقط يوم الأحد الموافق 15 الجاري».