يشكل الهجوم الإسرائيلي على إيران تتويجا لتهديدات أطلقها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ قرابة 20 عاما، ولو كان ذلك على حساب التعارض في العلن مع الولايات المتحدة، أبرز حلفاء تل أبيب.
وفي حين لم يخف نتنياهو قط معارضته لأي تفاهم بين الدول الغربية وإيران، اختار المضي في مسار معاكس لما طلبته واشنطن منه.
ويعود هاجس نتنياهو بإيران وبرنامجها النووي إلى أعوام طويلة خلت. ففي ديسمبر 2005، وبعد أقل من شهرين على الضجة العالمية التي أثارتها دعوة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى «محو إسرائيل من الخريطة»، قال نتنياهو الذي كان حينها في المعارضة، إن البرنامج النووي «يشكل خطرا جسيما على مستقبل» إسرائيل، واعتبر أن عليها «أن تفعل كل ما يلزم لمنع إيران» من تطوير قنبلة نووية، متطرقا إلى إمكانية شن ضربات عسكرية.
«خطأ تاريخي»
لم يعد نتنياهو إلى رئاسة الوزراء إلا في العام 2009، وهو لم يترك المنصب منذ ذلك الحين سوى لفترة وجيزة بين العامين 2021 و2022.
وطوال هذه السنوات، يكرر نتنياهو أنه لا يصدق نفي طهران المتكرر بأن برنامجها النووي هو لغايات مدنية بحتة، وهدد بانتظام باللجوء إلى الخيار العسكري.
وفي العام 2015، وصف رئيس الوزراء الاسرائيلي الاتفاق الدولي الذي أبرم بين طهران والقوى الكبرى بأنه «خطأ تاريخي»، بعدما أتاح فرض قيود على برنامج طهران النووي لقاء رفع عقوبات دولية عنها. وتسببت انتقاداته المتكررة للاتفاق في برودة في علاقته مع الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما (2009-2017). وفي 2018، أشاد نتنياهو بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب الولايات المتحدة أحاديا من الاتفاق وإعادة فرض عقوبات على طهران التي بدأت بالتراجع تدريجيا عن التزاماتها النووية.
وطوال هذه السنوات، عمل جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) في عمق إيران، واتهمته طهران بالوقوف خلف العديد من العمليات ضد البرنامج النووي.
وفي حين لا تؤكد إسرائيل أو تنفي حيازتها للسلاح النووي، يقول معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أنها تحوز 90 رأسا نوويا.
تغيير ميزان القوى
منذ هجوم حركة المقاومة الفلسطينية الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر عام 2023، يكرر نتنياهو أن إسرائيل تخوض حربا وجودية وتعتزم «تغيير الشرق الأوسط».
وفي أواخر أكتوبر 2024، رد الجيش الإسرائيلي على إطلاق طهران نحو 200 صاروخ على إسرائيل، بشن ضربات ضد أهداف عسكرية في طهران.
وقال وزير الدفاع يوآف غالانت في حينه إن هذه الضربات قد «غيرت توازن القوى» و«أضعفت إيران سواء في قدرتها على بناء الصواريخ أو في قدرتها على الدفاع عن نفسها».
وأثناء استقباله وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في فبراير 2025، قال نتنياهو بثقة «بفضل دعمكم الثابت، ليس لدي أدنى شك في أننا سننهي المهمة» ضد إيران.
ويرى داني سيترينوفيتش، من المعهد الوطني لدراسات الأمن الإسرائيلي (INSS)، أن دونالد ترامب يعتبر أن هجوم إسرائيل «يخدم مصالحه».
وقال سيترينوفيتش لفرانس برس إن الرئيس الأميركي مقتنع حقا بأنه مادامت طهران «ضعيفة»، فإنه سيتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي الإيراني.
لكن الخبيرة في الشأن الإيراني بمعهد واشنطن هالي داغرس تحذر من أنه إذا كانت إدارة ترامب لاتزال تعتقد بإمكان عقد «مناقشات جديدة مع الإيرانيين، فذلك يظهر أنها لا تفهم شيئا حقا عن طهران».