شريف حمدي
عادت بورصات الخليج إلى دائرة التراجعات مجددا بعدما خسرت في تداولات أمس نحو 25.7 مليار دولار بانخفاض نسبته 0.7% بالقيمة السوقية للأسهم المدرجة، وذلك بعد جلسة واحدة فقط من الهدوء النسبي، حيث شهدت مؤشرات معظم البورصات الخليجية تراجعا جماعيا وسط ضغوط متزايدة ناجمة عن أسباب جيوسياسية وفنية متداخلة.
ولم تكن هذه العودة إلى التراجع مفاجئة للمراقبين، بل جاءت امتدادا لتقلبات حادة بدأت مع تصاعد التوترات في المنطقة، خاصة بعد بروز مؤشرات على احتمال دخول الولايات المتحدة الأميركية كطرف مباشر في الحرب الدائرة بين إيران والكيان الصهيوني، وهو ما يزيد من حدة الترقب في أوساط المستثمرين ويعزز مشاعر القلق من اتساع رقعة الصراع.
ووفقا لبيانات «كامكو إنفست»، بلغت تراجعات القيمة الرأسمالية لبورصة السعودية نحو 16.1 مليار دولار بما نسبته 0.7%، وبورصة أبوظبي 3.7 مليارات دولار بما نسبته 0.5%، وبورصة دبي 2.6 مليار دولار بما نسبته 1%، وبورصة الكويت 2.3 مليار دولار بما نسبته 1.4% وبورصة قطر 800 مليون دولار بما نسبته 0.5%، وبورصة البحرين 300 مليون دولار بما نسبته 0.5%، فيما تماسك أداء سوق عمان من دون تغيير يذكر. وامتدت المخاوف الجيوسياسية بظلالها الثقيلة على معنويات المتداولين، ودفعت كثيرا منهم إلى التحرك بحذر والتخلي عن مراكزهم تدريجيا، تفاديا لأي تطورات مفاجئة قد تعصف بالأسواق بشكل أوسع، كما أن إشارات التصعيد أوجدت حالة من التشويش على المسارات الاستثمارية، وهو ما انعكس سلبا على حركة السيولة، وإن كانت بعض الأسواق قد سجلت ارتفاعا في السيولة مقارنة بجلسة الثلاثاء، إلا أن هذا الارتفاع لا يعكس ثقة متجددة، بل يشير إلى نشاط واضح في عمليات البيع وخروج مراكز استثمارية، خاصة في الأسهم التي شهدت موجة ارتفاعات مؤقتة في الجلسة السابقة.
من الناحية الفنية، أسهمت عوامل داخلية في دفع الأسواق إلى التراجع، أبرزها أن جلسة الثلاثاء شهدت عمليات شراء مكثفة نفذها مضاربون بحثا عن مكاسب سريعة في ظل الأسعار المتراجعة، إلا أن هذا النشاط لم يكن مستداما، إذ تبعته في جلسة اليوم عمليات تصريف واضحة طالت عددا من الأسهم القيادية، وهذه التحركات السريعة أضعفت الزخم الصعودي وفتحت المجال أمام مزيد من الضغوط البيعية.
كما أن بعض الشركات أفصحت عن بيانات جوهرية لم تكن متوافقة مع توقعات المستثمرين، ما أسهم في تعميق التراجعات، خاصة بعد أن ظهر بالأسواق شريحة واسعة من المتعاملين الذين فضلوا الترقب على المغامرة.
وتزامن ذلك مع عمليات جني أرباح من قبل مستثمرين فضلوا الخروج المؤقت بعد أن حققوا مكاسب محدودة في فترات سابقة، ما يمكن معه القول إن الأسواق تمر بفترة ضبابية تتطلب وضوحا في المسار السياسي والاقتصادي قبل أن تستعيد توازنها واستقرارها من جديد.
بورصة الكويت
محليا، جنحت بورصة الكويت لتراجعات جماعية على مستوى المؤشرات والمتغيرات بنهاية جلسة أمس، وذلك بعد مكاسب حققتها على مدار جلستي الاثنين والثلاثاء خاصة على مستوى القيمة السوقية بنحو مليار دولار على وقع عمليات شراء لافتة استهدفت اسهم قيادية خاصة بالقطاع المصرفي بما يحظى به من ثقة كبيرة من قبل المتعاملين خاصة في الأوقات الضبابية مع تصاعد حدة التوترات الجيوسياسية بالمنطقة.
وتعرضت غالبية اسهم البورصة بنحو 96 سهما لتراجع القيمة السعرية أمس على وقع عمليات تصريف بهدف جني الأرباح من الأسهم التي شهدت ارتفاعات سعرية في الجلستين الأخيرتين.
ومن المتوقع ان تستعيد البورصة الكويتية عافيتها خلال الجلسات المقبلة، حيث تزداد عمليات الشراء الانتقائي بعد التوسع في عمليات البيع، ما يعني توافر فرص استثمارية يسعى المستثمرين إلى اقتناصها، فضلا عن اقتراب القطاع المصرفي الكويتي من الكشف عن نتائجه المالية للنصف الأول من العام الحالي، وسط توقعات تفاؤلية بمواصلة نمو الأرباح والكشف عن توزيعات مرحلية، وبالتالي فإن الأسهم البنكية ستشهد نشاطا تصاعديا كلما اقتربت فترة افصاحات النصف الاول.
وبنهاية جلسة أمس، خسرت القيمة السوقية لبورصة الكويت 696 مليون دينار بنسبة 1.4% ليتراجع إجمالي القيمة إلى 47.15 مليار دينار من 47.84 مليار دينار اول أمس. وأنهت جلسة أمس تعاملاتها على تراجع مؤشر السوق الأول بنسبة 1.5% بخسائر 135.8 نقطة ليصل إلى 8543 نقطة، كما تراجع مؤشر السوق الرئيسي بنسبة 0.9% بخسائر 63.1 نقطة ليصل إلى 6849 نقطة، وتراجع مؤشر السوق العام بنسبة 1.4% بخسائر 116.7 نقطة ليصل إلى 7893 نقطة.
وارتفعت السيولة المتدفقة للسوق أمس بنسبة 4% بمحصلة 111.9 مليون دينار مقابل 107.7 مليون دينار، استأثرت اسهم السوق الأول بـ 74% منها بواقع 83 مليون دينار، وتركزت السيولة حول اسهم بنكية مثل بيتك والدولي ووربة والوطني، فضلا عن سهمي «اماراتية» و«جي إف إتش» اللذين حظيا بنشاط لافت أمس. وتراجعت أحجام التداول بنسبة 4.5% بكميات اسهم 512 مليون سهم مقابل 537 مليون سهم اول أمس، وجاء بصدارة قائمة الاكثر تداولا «جي اف اتش» بـ 103.7 ملايين سهم، تلاه «اماراتية» بتداول 39.8 مليون سهم، ثم «وربة» بتداول 25.3 مليون سهم. وقاد السوق نحو الانخفاض أمس 12 قطاعا تلونت مؤشراتها الوزنية بالاحمر تصدرها قطاع التكنولوجيا بـ 6.2%، تلاه قطاع الصناعية بـ 4.3%، فيما ارتفع قطاع الطاقة منفردا بـ 0.78%.
وبهذه التراجعات، كان منطقيا انخفاض القيمة السعرية لأسهم 96 شركة في قطاعات متنوعة بالسوق، فيما ارتفعت القيمة لأسهم 18 شركة فقط، واستقرت القيمة لأسهم 19 شركة.