وجهت واشنطن ضربات إلى المنشآت النووية الإيرانية الثلاث (فوردو ونطنز وأصفهان)، لتصبح طرفا مباشرا في الحرب بين طهران وتل أبيب بعد مرور 10 ايام على بدئها.
وأعلن الرئيس دونالد ترامب أن الولايات المتحدة نفذت «هجوما ناجحا للغاية «على ثلاثة مواقع نووية في إيران، وهي فوردو ونطنز وأصفهان.
وكتب ترامب على منصته الخاصة للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال» فجر أمس: «تم إلقاء حمولة كبيرة من القنابل على الموقع الأساسي في فوردو، وعادت طائراتنا بسلام. نبارك لمحاربينا الأميركيين، فلا يوجد جيش آخر في العالم يمكنه القيام بذلك».
وأضاف: «الآن هو وقت السلام»، مشيرا إلى أن هذه لحظة تاريخية للولايات المتحدة، وإسرائيل، والعالم.
وعقب الإعلان عن تنفيذ هذه الضربات، صرح ترامب لموقع أكسيوس الإخباري قائلا: «على الإيرانيين أن يتوقفوا، وإلا فسيضربون مرة أخرى».
تدمير القدرات
ونقلت شبكة «سي.بي.اس» الأميركية عن مصادر مطلعة أن واشنطن أبلغت إيران عبر القنوات الديبلوماسية بأنها لا تسعى إلى تغيير النظام في طهران، وأن «الضربات تمثل مجمل الخطة الأميركية» في هذا السياق.
ولاحقا، قال الرئيس ترامب، في كلمة ألقاها من البيت الأبيض عقب الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، إن الهدف من الضربات كان تدمير قدرات «إيران» على تخصيب اليورانيوم، وقد تحقق ذلك بمهارة ودقة على يد الجيش الأميركي، الذي نفذ ضربة موجعة لدولة طالما حاربت الولايات المتحدة، ودعمت الإرهاب، ونشرت الكراهية، وقتلت مواطنينا، ورددت شعارات الموت لأميركا ولإسرائيل.
ووجه ترامب شكره لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قائلا: «عملنا معا كفريق واحد، وقطعنا شوطا طويلا».
وأضاف: «الهجمات المستقبلية ستكون أعنف بكثير إذا لم تصنع إيران السلام»، مؤكدا أن«الكثير من الأهداف لاتزال قائمة، وإما أن يتحقق السلام، أو تواجه إيران مأساة كبرى».
وقد وقف إلى جانب ترامب أثناء إلقاء كلمته كل من: نائبه جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيتر هيغسيث.
من جهة أخرى، نقلت القناة 14 الإسرائيلية عن مسؤول في تل أبيب أن ترامب أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالضربة مسبقا، وأن المجلس الوزاري المصغر كان في حالة انعقاد أثناء تنفيذها.
استنفار في إسرائيل
وأعلنت إسرائيل حالة الاستنفار القصوى في مجالها الجوي، ورفع الجيش الإسرائيلي مستوى التأهب.
من جانبها، أكدت وسائل الإعلام الإيرانية، بما فيها التلفزيون الرسمي ووكالتا «فارس» و«تسنيم» شبه الرسميتين، وقوع قصف أميركي على مفاعلات فوردو ونطنز وأصفهان.
وأفادت وكالة «إرنا» الإيرانية الرسمية، بأن المواقع المستهدفة لا تحتوي على مواد يمكن أن تسبب إشعاعا، مشيرة إلى أنه تم إخلاء المنشآت مسبقا من المواد الخطرة ونقلها إلى أماكن آمنة.
وهنأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس ترامب على هذا الهجوم الذي قال إنه حصل «بالتنسيق الكامل» مع إسرائيل، ووصف ذلك بأنه «منعطف تاريخي» يساعد في «قيادة الشرق الأوسط» نحو السلام.
من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي بيتر هيغسيث: «دمرنا البرنامج النووي الإيراني»، مضيفا أن العملية «لم تستهدف القوات الإيرانية ولا الشعب الإيراني».
وشدد على أن ترامب «يسعى إلى السلام وعلى إيران سلوك هذا الطريق».
وأكد خلال مؤتمر صحافي بمقر «الپنتاغون «أمس إن الرئيس ترامب يريد السلام وعلى إيران أن تسلك هذا المسار».
واشار إلى أن الولايات المتحدة استخدمت قاذفات «بي-2» وصواريخ من غواصات في ضرب المنشآت النووية الإيرانية الثلاث.
نسف للديبلوماسية
في المقابل، دان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ما وصفه بـ«العدوان»، معتبرا انه «أظهر أن الولايات المتحدة هي العامل الأساسي وراء الأعمال العدائية التي يقوم بها النظام الصهيوني ضد الجمهورية الإسلامية في إيران».
وشدد على أن أهم وأول مصدر لهذه القوة هو وحدة وتماسك الجبهة الداخلية، يليها الدعم الشامل للنخب والمفكرين والنشطاء الاقتصاديين ومختلف فئات الشعب، فالأعداء يخشون وعي ووحدة واقتدار الشعب الإيراني، وإذا ما تم الحفاظ على هذه الثروة الثمينة، فإن النصر مؤكد بلا شك.
وأشار بزشكيان إلى تسريع عملية تخليص البضائع من الموانئ، مؤكدا ضرورة الرقابة الدقيقة والمستمرة من قبل وزارات الداخلية، والاقتصاد والمالية، والجهاد الزراعي، قائلا «يجب تحديد وجهة البضائع وأماكن تخزينها بشكل شفاف، وينبغي أن يكون المحافظون على اطلاع دائم بتلك الإجراءات، للحيلولة دون وقوع أي خلل في نظام التوزيع».
وأشاد خلال اجتماع الحكومة الايرانية أمس، بالتنسيق والتكامل والجهود المتواصلة من قبل الأجهزة التنفيذية في البلاد لضمان استمرار تقديم الخدمات للشعب الإيراني النبيل في ظل هذه الظروف الحساسة، مشددا على ضرورة تفويض الصلاحيات اللازمة للوزراء والمحافظين والمديرين كي يتمكنوا من إدارة شؤون البلاد بكفاءة وابتكار، بعقل منفتح وأيد مطلقة.
وأعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن طهران ستدافع عن نفسها «بكل الوسائل اللازمة» بعد الضربات الأميركية على مواقعها النووية، محذرا من انه ستكون لها «عواقب دائمة».
وقال عراقجي على هامش مشاركته في الاجتماع الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول إن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستواصل الدفاع عن أراضيها وسيادتها وأمنها وشعبها بكل الوسائل اللازمة». وأضاف «بلادي تعرضت لعدوان، وعلينا أن نرد عملا بالدفاع المشروع عن النفس، وسنفعل».
واشار إلى أنه لا يملك في هذه المرحلة «معلومات دقيقة عن حجم الأضرار» التي تسببت بها الضربات الأميركية.
وقال تعليقا على تحركات الولايات المتحدة وإسرائيل: «لم يتبق خط أحمر لم تتجاوزاه. والخط الأخير، والأكثر خطورة.. حصل»، مضيفا «لقد تجاوزتا خطا أحمر عريضا بمهاجمة المنشآت النووية».
وأشار عراقجي إلى أنه سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإثنين في موسكو لإجراء «مشاورات جدية».
واعتبر أن «الطلب من ايران العودة إلى الديبلوماسية ليس ملائما، لأننا كنا منخرطين في المسار الديبلوماسي. كنا في طور التفاوض مع الولايات المتحدة عندما نسف الإسرائيليون المفاوضات».
الحرب.. بدأت
بدوره، أعلن الحرس الثوري الإيراني أن «الحرب بدأت الآن» بالنسبة له، مؤكدا إطلاق صاروخ باليستي متعدد الرؤوس من طراز «خيبر شكن» لأول مرة في الهجوم على إسرائيل.
وقال الحرس الثوري في بيان إن «الموجة العشرين من عملية الوعد الصادق 3 انطلقت بإطلاق 40 صاروخا يعمل بالوقود الصلب والسائل»، وفق ما أوردت وكالة انباء (مهر) الإيرانية.
وأضاف «تم ضرب مطار بن غوريون ومركز الأبحاث البيولوجية التابع للنظام ومراكز القيادة والسيطرة البديلة في هذه الموجة بصواريخ موجهة قادرة على مناورة الرأس الحربي أثناء الهبوط، وموجهة حتى لحظة الاصطدام، ومجهزة برؤوس حربية شديدة الانفجار ومدمرة من أنواع مختلفة».
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض نحو 30 طائرة مسيرة إيرانية، فيما هاجم طائرتين حربيتين من طراز F5 للقوات العسكرية الإيرانية في مطار دزفول جنوب غربي إيران، وفقا للمتحدث باسمه للإعلام العربي أفيخاي أدرعي.
وفي بيان منفصل، لفت أدرعي إلى أنه تم استهداف ثماني منصات صاروخية إيرانية ومن بينها ست منصات جاهزة للإطلاق نحو الأراضي الاسرائيلية.
وأشار إلى أن سلاح الجو هاجم بنى تحتية عسكرية في مطار أصفهان، لمنع استخدام القوات الجوية الإيرانية لهذه البنى التحتية العسكرية في الموقع.