تواصلت مفاوضات الدوحة الهادفة إلى التوصل لاتفاق هدنة جديد في غزة، فيما أكدت حركة المقاومة الفلسطينية الإسلامية (حماس) أنها لن تقبل بفصل أي منطقة جغرافية عن القطاع، كما أنها لن تقبل بوجود قوات للجيش الإسرائيلي فيه.
جاء ذلك فيما قتل 32 شخصا على الأقل في غارات إسرائيلية على غزة إحداها طالت كنيسة، بحسب ما أفادت مصادر فلسطينية رسمية.
وقال الناطق باسم جهاز الدفاع المدني في غزة محمود بصل إن سبعة أشخاص أصيبوا بجروح متفاوتة إثر غارة شنتها طائرة إسرائيلية مسيرة على مبنى كنيسة «دير اللاتين» التي تؤوي نازحين شرق مدينة غزة.
وأوضح بصل أن من بين المصابين راعي كنيسة «العائلة المقدسة للاتين» الأب جبرائيل رومانيلي، مشيرا إلى نقل المصابين إلى مستشفى المعمداني في غزة.
ووفق مصادر محلية، فإن الغارة الإسرائيلية ألحقت ضررا كبيرا بالكنيسة التي تؤوي نحو 600 شخص بينهم أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتعليقا على الغارة، قال النائب البطريركي للاتين في القدس، وليام الشوملي في تصريحات صحافية إن إسرائيل «هددت أهالي المنطقة المحيطة بكنيسة دير اللاتين في غزة وقصفتها. مندهشون ونكاد لا نصدق ما حدث».
وأكد أن ما حدث يبين أنه «لا أحد في أمان بغزة لا لمن يحتمي بالكنسية أو بالمسجد».
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إنه «يحقق في الحادثة والظروف التي وقعت فيها»، فيما نددت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني بالهجمات على السكان المدنيين ووصفتها بأنها «غير مقبولة».
وقالت حركة «حماس» ان استهداف جيش الاحتلال كنيسة دير اللاتين في مدينة غزة يمثل جريمة جديدة يرتكبها بحق دور العبادة والنازحين.
وأكدت أن «استهداف الاحتلال للمساجد والكنائس والمستشفيات والمرافق المدنية في القطاع هي جرائم حرب تستوجب وقفة من المجتمع الدولي».
من جهتها، أدانت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين في بيان لها قصف الكنيسة، معتبرة أن استهداف الكنائس والمؤسسات الدينية تحت أي ذريعة هو عمل مرفوض ومدان ويشكل تهديدا مباشرا للوجود المسيحي الأصيل في الأرض المقدسة.
وفي غارة ثانية، قتل ثمانية أشخاص في استهداف إسرائيلي لعناصر تأمين المساعدات في منطقة السودانية شمال غرب مدينة غزة.
بموازاة ذلك، ذكرت مصادر أمنية فلسطينية أن المدفعية الإسرائيلية قصفت بشكل مكثف أطراف مدينة غزة الشمالية والشرقية والجنوبية وسط إطلاق نار من قبل المروحيات، فيما نسف الجيش مباني سكنية في مدينتي رفح وخان يونس جنوب القطاع.
في المقابل، أكدت وسائل إعلام إسرائيلية أمس، إصابة 5 جنود، اثنان منهم بحالة خطرة في معارك بحي الشجاعية شرق مدينة غزة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي إصابة جنديين من الكتيبة 202 التابع للواء المظليين بجروح خطيرة في معارك أمس في شمال القطاع.
إلى ذلك، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن هناك تقارير تؤكد مقتل وإصابة العشرات أثناء سعيهم للحصول على الطعام من مراكز المساعدات في غزة.
وأضاف المكتب الأممي: «استمر الإبلاغ عن إصابات خطيرة بين طالبي المساعدة، فقد أبلغت منظمة الصحة العالمية عن شاب بالغ من العمر 21 عاما أصيب بشلل مدى الحياة بعد أن أطلق النار عليه أثناء محاولته الحصول على كيس طحين من أحد مراكز توزيع المساعدات».
وأكد أن «أشهر من تصاعد الأعمال العدائية في غزة زادت من المخاطر التي تواجه الفئات الأكثر ضعفا، من بينهم الأشخاص ذوو الإعاقة وكبار السن الذين يعانون للحصول على احتياجاتهم للبقاء على قيد الحياة».
وفي سياق متصل، أفادت منظمات إنسانية بأن دراسة استقصائية وجدت أن أكثر من 80% من ذوي الإعاقة في غزة فقدوا الكراسي المتحركة وأجهزة السمع وغيرها من الأجهزة المساعدة، ما جعلهم يواجهون العديد من التحديات، بما في ذلك الحرمان من الحصول على المساعدات الإنسانية.
بدورها، قالت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن الاستجابة الإنسانية بقيادة الأمم المتحدة في غزة تم تهميشها منذ انهيار وقف إطلاق النار في مارس الماضي.
وأضافت راسل خلال اجتماع لمجلس الأمن حول الوضع الإنساني في غزة أمس الاول «خلال الأشهر الماضية، تم تهميش العمل الإنساني بقيادة الأمم المتحدة رغم أننا كنا نقدم المساعدات بكفاءة وأمان خلال وقف إطلاق النار في مارس».
وفي الاجتماع الأممي ذاته، شدد وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ توم فليتشر على وجوب تلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة في قطاع غزة الفلسطيني من دون جر الناس إلى خط النار.
وحذر فليتشر من أن المدنيين في القطاع يتعرضون للموت والإصابة والنزوح القسري والتجريد من الكرامة. وقال «لا نستطيع وصف الأوضاع في غزة بالكلمات».
أما في الضفة الغربية المحتلة فقد واصل الجيش الإسرائيلي اقتحام المدن والمخيمات، بالتزامن مع اعتداءات جديدة للمستوطنين المتطرفين.
من جانبها، دعت السلطة الفلسطينية إلى تدخل دولي «لمنع الاحتلال من تنفيذ مخطط استيطاني يهدف لتعميق فصل القدس المحتلة عن محيطها الفلسطيني».