أكد الرئيس السوري أحمد الشرع التزام الدولة بـ«حماية الأقليات» ومحاسبة «المنتهكين» من أي طرف، في وقت أعلنت العشائر السورية التزامها بقرار رئاسة الجمهورية وقف إطلاق النار بعد أيام من الاشتباكات بين مقاتلين من العشائر والمسلحين الدروز في محافظة السويداء.
ومع بدء نشر قوات الأمن في ريف السويداء، أكد الشرع في كلمة متلفزة إلى السوريين، ان «الدولة السورية ملتزمة بحماية الأقليات والطوائف كافة في البلاد، وأنها ماضية في محاسبة جميع المنتهكين من أي طرف كان».
وقال: «لن يفلت أي شخص من المحاسبة ونتبرأ من جميع الجرائم والتجاوزات التي جرت. ونؤكد أهمية تحقيق العدالة وفرض القانون على الجميع».
وثمن الشرع «الدور الكبير الذي قامت به الولايات المتحدة الأميركية في تأكيدها الوقوف إلى جانب الدولة السورية في هذه الظروف الصعبة وحرصها على استقرار البلاد»، مشيدا بجهود الدول العربية وتركيا وأطراف أخرى.
واندلعت الاشتباكات الأحد الماضي في محافظة السويداء بين مسلحين دروز وآخرين من البدو، ومع احتدام المواجهات، أعلنت القوات الحكومية الاثنين تدخلها لفض الاشتباكات، لكن إسرائيل تدخلت وقصفت القوات الحكومية المتجهة إلى السويداء، كما قصفت هيئة الأركان ووزارة الدفاع في دمشق ومحيط القصر الرئاسي دعما للدروز وللضغط على الحكومة وسحب قواتها.
وانتقد الشرع في كلمته أمس «المصالح الضيقة لبعض الأفراد في السويداء»، معتبرا ان «الاستقواء بالخارج واستخدام بعض الأطراف الداخلية للسويداء كأداة في صراعات دولية لا يصب في مصلحة السوريين بل يفاقم الأزمة ويهدد وحدة البلاد».
كما انتقد تصرفات «بعض المجموعات» من العشائر التي «حاولت أن تدافع عن نفسها بشكل منفرد»، مشددا على أن هذه «التصرفات لا يمكن ان تكون بديلا عن دور الدولة القادرة وحدها على الحفاظ على هيبتها وسيادتها في كل بقعة من الأراضي السورية».
وأضاف أن الدولة السورية تمكنت من تهدئة الأوضاع رغم صعوبة الوضع «لكن تدخل الاحتلال الإسرائيلي دفع البلاد إلى مرحلة خطيرة تهدد استقرارها نتيجة القصف السافر للجنوب ولمؤسسات الحكومة في دمشق».
وبين أنه مع خروج الدولة من بعض المناطق بدأت مجموعات مسلحة من السويداء بشن هجمات انتقامية ضد البدو وعائلاتهم هذه الهجمات الانتقامية التي ترافقت مع انتهاكات لحقوق الإنسان دفعت بقية العشائر إلى التوافد لفك الحصار عن البدو داخل السويداء. ولفت إلى أنه «لا يجوز أن نحاكم الطائفة الدرزية بأكملها بسبب تصرفات فئة قليلة انزلقت في مواقف لا تمثل تاريخ هذه الطائفة العريقة»، لافتا إلى أن «محافظة السويداء لاتزال جزءا أصيلا من الدولة السورية، كما أن الدروز يشكلون ركنا أساسيا من النسيج الوطني السوري».
وأشار إلى أن الأحداث الأخيرة أثبتت خلال الأشهر الماضية أن أبناء السويداء بجميع أطيافهم يقفون إلى جانب الدولة ويرفضون مشاريع التقسيم، مؤكدا أن الدولة السورية تلتزم بحماية الأقليات والطوائف كافة في البلاد وهي ماضية في محاسبة جميع المنتهكين.
وأتت كلمة الشرع بعد إعلان وزارة الداخلية بدء انتشار قواتها في ريف السويداء «في إطار مهمة وطنية، هدفها الأول حماية المدنيين ووقف الفوضى»، وفق المتحدث باسمها نور الدين البابا.
وأكد أن «الدولة، بكل مؤسساتها السياسية والأمنية، ماضية في مساعيها لاستعادة الأمن والاستقرار في السويداء»، موضحا أن «قوى الأمن ستسخر كل طاقاتها سعيا لوقف الاعتداءات وحالة الاقتتال، وإعادة الاستقرار إلى المحافظة».
وتجددت الاشتباكات المتقطعة في السويداء أمس بين المسلحين الدروز وآخرين من عشائر البدو. وأفادت وكالة فرانس برس بسماع دوي قصف متقطع وطلقات نارية وشوهدت أعمدة دخان تتصاعد فوق المدينة.
وقالت وكالة الأنباء السورية «سانا» ان الاشتباكات، تزامنت مع بدء قوات الأمن الداخلي السوري الانتشار في محافظة السويداء لإنفاذ المرحلة الأولى من تفاهمات وقف إطلاق النار من خلال فض الاشتباك بين المجموعات المسلحة داخل السويداء وقوات العشائر العربية تمهيدا لاستعادة الاستقرار والإفراج عن المعتقلين وإخلاء المحتجزين.
وأعلنت انه جرى تشكيل لجنة طوارئ تضم وزارات وهيئات حكومية مختلفة لتسريع إدخال المساعدات الإنسانية والطبية اللازمة وإصلاح البنية التحتية بما يعزز التهدئة في إطار تطبيق المرحلة الثانية من تفاهمات وقف إطلاق النار مع الوسطاء.
وذكرت أن المرحلة الثالثة تبدأ بعد تثبت التهدئة بتفعيل مؤسسات الدولة وانتشار عناصر الأمن الداخلي في جميع أرجاء المحافظة بشكل تدريجي ومنظم بما يتماشى مع التوافقات التي جرى التوصل لها سابقا بما يضمن سيادة القانون تحت مظلة الدولة.
وكانت الرئاسة السورية أعلنت أمس إيقافا شاملا وفوريا لإطلاق النار، داعية جميع الأطراف إلى الالتزام به حرصا على حقن دماء السوريين والحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسلامة شعبها واستجابة للمسؤولية الوطنية والإنسانية.
بدورها، أصدرت العشائر السورية بيانا أمس، أعلنت فيه التزامها الكامل بقرار رئاسة الجمهورية بوقف إطلاق النار، مؤكدة سعيها لحقن الدماء، وإنهاء حالة الاقتتال، وفتح باب العودة الآمنة والحوار الوطني الشامل.
وجاء في البيان، الذي اطلع عليه موقع تلفزيون سورية، أن القرار أتى استجابة لتوجيهات رئاسة الجمهورية، وانطلاقا من الحرص على وحدة الوطن، وتفويت الفرصة على من يسعى لزرع الفتنة والانقسام بين أبنائه.
وأكدت العشائر وقف جميع الأعمال العسكرية من طرفها، مشيرة إلى أن أبناء العشائر لم يكونوا يوما دعاة حرب، بل دافعوا عن كرامتهم عند الضرورة، وقدموا التضحيات في سبيل السلم الأهلي.
كما دعا البيان إلى الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين من أبناء العشائر دون تأخير، واعتبار هذه الخطوة إحدى بوادر بناء الثقة، إلى جانب تسهيل عودة جميع النازحين إلى منازلهم دون استثناء أو شروط.
من جهته، أكد الشيخ حكمت الهجري، في بيان صادر باسم الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء، بحسب قناة «العربية». وأوضح الهجري أن الاتفاق يشمل أيضا نشر قوات من الأمن العام على أطراف المحافظة وخارج حدودها، في خطوة تهدف إلى تهدئة الأوضاع وضبط الأمن.
ودعا الهجري المجموعات المسلحة داخل السويداء إلى تجنب أي استفزازات أو تحركات قتالية، حفاظا على الأمن والاستقرار في المنطقة.
بنود اتفاق السويداء
كشف مصدر بوزارة الداخلية لقناة «الإخبارية» السورية عن بنود اتفاق وقف إطلاق النار بين المسلحين الدروز ومقاتلي العشائر والبدو، الذي حصل بوساطات دولية، ونص الاتفاق على:
٭ انتشار قوى الأمن الداخلي كقوات لفض الاشتباكات والنزاع في أغلب الريف الغربي والشمالي لمحافظة السويداء.
٭ القوات الأمنية موجودة على الطرق الرئيسة والأماكن الحاكمة وليست ضمن مناطق المدن منعا للاحتكاك بسبب الظروف الحالية.
٭ العمل على تنفيذ بنود الاتفاق خلال 48 ساعة وبعدها يتم تقييم الموقف.
٭ افتتاح معابر إنسانية بين محافظتي درعا والسويداء بينها معبر بصرى الشام ومعبر بصر الحرير لتأمين خروج المدنيين والجرحى والمصابين وكل من يود الخروج من السويداء.
٭ العمل على تأمين جميع الأهالي المحتجزين من أهالي البدو والموجودين حاليا ضمن مناطق سيطرة المجموعات الخارجة عن القانون.
٭ العمل على تبادل الأسرى والمعتقلين بعد الانتهاء من نجاح الاتفاق خلال الفترة الزمنية القريبة.