من يفكر في وسيلة لتربية ابنه، فليس هناك أعظم من وسيلة القرآن، كما في وصية لقمان لابنه، فهي نصيحة جامعة للأدب لمن تأملها.
وأبرز هذه الوصايا للأبناء في هذه الآية، التي هي قواعد لمن تدبرها، ما يلي:
الرفق في التربية: حيث إن الأب نادى ابنه بلفظ البنوة المشعر بالشفقة والرحمة، فما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه.
ثانيا: التوحيد وترك الشرك، فهو أولى الأولويات، من تعليم الابن أن الله هو المقصود بالعبادة ولابد من إفراده بالعبادة، بكل أنواع العبادات من صلاة وصيام وطواف ونذر ودعاء، فالله هو المستحق لها لأنه الإله وحده، فلا رب غيره، وضده هو الشرك، وهو صرف العبادة لغير الله، وهو أخطر ذنب عصي الله به، حيث إن صاحبه مخلد في النار مستحق للعذاب والغضب والعقوبة. ثالثا: طاعة الوالدين، حيث إنهما سبب في وجوده بعد الله عز وجل، والبر بهما من أعظم الأخلاق والأعمال.
رابعا: المراقبة والخوف والخشية لله، حيث نصح لقمان ابنه بأن الله مطّلع عليه ويعلم السر وأخفى، ويعلم مكان الذرّة التي في باطن الأرض أو في وسط الصخور أو في الجو كعلمه ببقية الأمور، فمن علم أن الله سميع بصير أغناه ضميره المؤمن اليقظ من نوازع الشر، ولابد للوالدين من غرس هذا المفهوم بشتى الطرق. خامسا: الصلاة، حيث أمره بإقامتها بشروطها وواجباتها ومستحباتها وأركانها إقامة كاملة، وذلك لما لها من أثر تربوي عظيم تنهى فيه عن الفحشاء والمنكر وترزق صاحبها نورا في الدنيا وفي الحشر ويوم النشر، ولابد من تربية الأبناء عليها من سن السابعة وضرب المتهاونين في السن العاشرة. سادسا: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلابد أن يعرف بوجوب هذه الفريضة فيكون جنديا حاميا لحمى الإسلام نافعا لأمته، لا يرى الحق فيسكت عن تبليغه ويرى الباطل فيتلجلج عن قمعه حتى تكون له شخصية قوية تبتعد عن الباطل وأهله وتقترب من أهل الخير فلا يجالس أهل المنكرات ولا يصاحبهم، سابعا: الصبر، حيث إن البلاء شقيق للمؤمن لا ينفك عنه والمؤمنون مبتلون للتمحيص والرفعة والاختبار ولتكفير سيئاتهم. ثامنا: النهي عن التكبر، فنهى لقمان عن تصعير الخد تكبرا وغرورا. تاسعا: التوسط في الكلام والمشي، حيث إن المشي بكبر من صفات أهل الشر والدناءة ورفع الصوت من الصفات البهيمية التي يوصف بها الحمار، وهذا مستنكر مستقبح.
نسأل الله أن يصلح أبناءنا، وأن يجعلهم متبعين لكتاب الله ولسنة رسوله، وأن يحشرنا وإياهم في الفردوس الأعلى.