تتواصل التحذيرات الرسمية من خطر الموت الجماعي نتيجة سياسة «التجويع» التي تتبعها إسرائيل بشكل ممنهج ضد سكان غزة، فيما يبذل الوسطاء جهودا مكثفة لمنع انهيار مباحثات الهدنة في القطاع، بينما أكدت حركة المقاومة الفلسطينية الإسلامية «حماس» أنها جاهزة لاستكمال المفاوضات رغم «صدمتها» من موقف واشنطن الذي يحملها مسؤولية تراجع التقدم في محادثات الدوحة، فقد حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أمس من أن أكثر من 100 ألف طفل في القطاع يواجهون خطر الموت الجماعي، في كارثة إنسانية غير مسبوقة وشيكة يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي.
وقال المكتب في بيان صحافي إن أكثر من 100 ألف طفل تبلغ أعمارهم نحو عامين وبينهم 40 ألف رضيع أعمارهم أقل من عام واحد يواجهون خطر الموت الجماعي الوشيك في ظل انعدام حليب الأطفال والمكملات الغذائية بشكل كامل واستمرار إغلاق المعابر ومنع دخول أبسط المستلزمات الأساسية.
وأضاف «اننا أمام مقتلة جماعية مرتقبة ومتعمدة ترتكب ببطء ضد الأطفال الرضع الذين باتت أمهاتهم ترضعهم المياه بدلا من حليب الأطفال منذ أيام نتيجة سياسة التجويع والإبادة التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي».
وأوضح أن المستشفيات والمراكز الصحية سجلت خلال الأيام الأخيرة ارتفاعا يوميا بمئات حالات سوء التغذية الحاد والمهدد للحياة دون أي قدرة على الاستجابة أو العلاج بسبب شبه الانهيار للقطاع الصحي وانعدام الموارد الطبية والغذائية.
وأشار إلى أن العدد الإجمالي لوفيات المجاعة وسوء التغذية ارتفع إلى 122 حالة وفاة من بينهم 83 طفلا. وطالب المكتب بـ «إدخال حليب الأطفال والمكملات الغذائية بشكل فوري إلى قطاع غزة وفتح المعبر دون شروط وكسر الحصار الإجرامي بالكامل وتحرك دولي عاجل لوقف المقتلة الجماعية البطيئة».
جاء ذلك فيما أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 11 فلسطينيا على الأقل في غارات جوية إسرائيلية على القطاع.
وقال رئيس جهاز الدفاع المدني محمود بصل لوكالة فرانس إن مسعفين «نقلوا 4 شهداء وعددا من المصابين جراء غارة جوية إسرائيلية استهدفت شقة سكنية في حي الرمال» غرب مدينة غزة. ونقل الضحايا والمصابون إلى مستشفى الشفاء في غرب مدينة غزة. وفي خان يونس جنوبي القطاع، قتل شابان في العشرينات من العمر في غارة قرب دوار بلدة بني سهيلة شرق المدينة، كما قتل شخص وأصيب 3 آخرون جرحى بقذيفة مدفعية أصابت منزلا في مخيم البريج وسط القطاع.
وأشار بصل إلى مقتل شخص وأصيب عدد آخر من منتظري المساعدات «بنيران الاحتلال قرب جسر وادي غزة» وسط القطاع.
وقتل شخص آخر «بنيران الاحتلال» من منتظري المساعدات في منطقة الواحة«شمال غرب غزة.
سياسيا، قال المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة«حماس»طاهر النونو إن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب «صادمة للجميع»، مطالبا واشنطن بالكف عن التحيز لإسرائيل، التي اتهمها «بتعطيل أي اتفاق» لوقف إطلاق النار في غزة. وأكد القيادي في «حماس» لوكالة فرانس برس جهوزية الحركة «لمواصلة المفاوضات واستكمالها بجدية».
ونوه إلى ان تصريحات ترامب ومبعوثه الخاص ستيف ويتكوف التي قالا فيها إن «حماس لم تكن ترغب حقا في إبرام اتفاق. أعتقد أنهم يريدون أن يموتوا»، «مستغربة جدا» وتشكل «صدمة كبيرة للجميع»، كونها «تأتي بعدما حصل تقدم في بعض ملفات التفاوض».
وتابع «لم نبلغ بوجود أي إشكالية بشأن أي ملف من ملفات التفاوض. (حماس والفصائل الفلسطينية) تعاملت بإيجابية مطلقة ومرونة كبيرة مع جهود الوسطاء الذين أبدوا ارتياحا وأشادوا بها».
من جانبه، طالب عضو المكتب السياسي لـ «حماس» عزت الرشق الإدارة الأميركية بأن «تمارس دورا حقيقيا في الضغط على حكومة الاحتلال للانخراط الجاد في التوصل لاتفاق». وأوضح أن رد «حماس» على الاقتراح الذي نوقش في الدوحة تضمن «تأكيدنا فقط على ضرورة وضوح البنود وتحصينها، لاسيما ما يتعلق بالشق الإنساني، وضمان تدفق المساعدات بشكل كثيف وتوزيعها من خلال الأمم المتحدة ووكالاتها» من دون تدخل إسرائيلي. وقال مسؤول قريب من المفاوضات لفرانس برس أن رد حماس «تضمن المطالبة بأن تنسحب القوات الإسرائيلية من التجمعات السكنية وطريق صلاح الدين (الواصل بين شمال القطاع وجنوبه)، على يكون أقصى عمق لتواجدها هو 800 متر في كافة المناطق الحدودية الشرقية والشمالية للقطاع».
كما طالبت الحركة «بزيادة عدد المفرج عنهم من الأسرى الفلسطينيين من ذوي المحكوميات المؤبدة والعالية مقابل كل جندي إسرائيلي حي» يطلق سراحه من بين الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا محتجزين في غزة.