بيروت ـ زينة طباره
أدرج الاتحاد الأوروبي أول أمس لبنان رسميا على اللائحة السوداء أو ما يسمى بقائمة الدول عالية المخاطر، على صعيد غسل الأموال وتمويل الارهاب. وكان لبنان أدرج العام الماضي على القائمة الرمادية للدول الخاضعة لتدقيق خاص من جانب مجموعة العمل المالي FATF المعنية بمكافحة الجرائم المالية، وذلك على رغم مطالبات مسؤولين لبنانيين بالتساهل مع موقف بيروت. ومن المتوقع أن يصدر في وقت لاحق إعلان لبناني رسمي بهذا الشأن.
الخبيرة الاقتصادية د. سابين الكك قالت في حديث إلى «الأنباء»: «هذا القرار للمفوضية الأوروبية لم يأت من العدم، بل استند إلى وجود عوامل مالية ومصرفية في لبنان ذات مخاطر عالية تستوجب الحذر في التعامل معه، أي ان الاتفاقيات الدولية والقوانين والتشريعات اللبنانية فيما يتعلق بعمليات تبييض الأموال لا تطبق في لبنان بجدية وحزم، إضافة إلى يقين الاتحاد الأوروبي بأن التعامل مع الأجهزة المصرفية لم يعد مستوفيا شروط السلامة المالية، بسبب تفشي الاقتصاد النقدي «كاش» بما يسهل عمليات ضخ الأموال والرساميل غير المشروعة».
وأضافت الكك: «لم تنجح السلطات اللبنانية لاسيما منها مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، بعد 5 سنوات من الاندلاع أزمة المصارف، في استعادة ثقة المواطن اللبناني بالقطاع المصرفي. هذا الأمر حال دون عودة حركة رؤوس الأموال والادخار الفردي للمواطنين إلى الانضباط ضمن القنوات المالية الرسمية. ولم ترتكز المفوضية الأوروبية فقط على ما تقدم لاتخاذ قرارها بإدراج لبنان على قائمة الدول العالية المخاطر، بل ارتكزت أيضا على توسع حركة شركات تحويل الأموال التي بلغ نشاطها المالي أرقاما عالية، ان لم نقل خيالية استوجبت رسم علامات استفهام كبيرة حول نظافتها وشرعيتها، ناهيك عن وجود جمعيات ومؤسسات مالية تمارس نشاطات مالية مشبوهة سبق لمصرف لبنان ان حذر من التعامل معها.. وباتت تشكل إلى جانب شركات تحويل الاموال اقتصادا موازيا وحركة أموال واسعة من والى لبنان، وسط غياب شبه كامل للرقابة والمساءلة الرسمية».
وردا على سؤال قالت الكك: «سيشهد لبنان نتيجة قرار المفوضية الأوروبية بإدراج لبنان على قائمة الدول العالية المخاطر، المزيد من التضييق والتشدد فيما خص التحويلات المالية من والى أوروبا، لاسيما ما يتعلق منها بعملة الاتحاد الاوروبي «اليورو»، الأمر الذي سيصيب مباشرة على سبيل المثال لا الحصر التجار وحركة الاستيراد والتصدير وأهالي الطلاب وتحويلات المغتربين إلى عوائلهم في لبنان. وبالتالي المطلوب من مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق الخاصة والنيابة العامة المالية، تحركا جديا وخطوات عملية حاسمة واجراءات تنظيمية متشددة بالتعاون مع السلطات القضائية المختصة لوقف هذا التدهور وبالتالي انقاذ ما يمكن إنقاذه».
وعن تداعيات القرار الأوروبي على الودائع في المصارف اللبنانية، قالت الكك: «لا شك في أن القرار الأوروبي لا يصيب المودعين بمكان، علما أن المودعين هم الأكثر تضررا من انهيار القطاع المصرفي، خصوصا ان القرار الجدي بمحاسبة من تسبب بالأزمة من ألفها إلى يائها لا يزال خارج بساط الجدية والحزم، لا بل يخضع (القرار) للعبة الكر والفر في بحث المنظومة السياسية عن حل سياسي لازمة غير سياسية».
وختمت الكك بالقول: «مؤشرات البدء بالتعافي غير موجودة عمليا، وبالتالي المطلوب من الحكومة ومصرف لبنان خطوات عملية ولو قصيرة لطمأنة الناس حيال مصيرهم ومصير ودائعهم، في بلد تتجاذبه الانقسامات السياسية والطائفية حتى في الشأن المالي، خصوصا أن النمو الاقتصادي ليس أرقاما وقوانين تشريعية وموازنات فحسب، بل مؤشرات ملموسة على المستويين المعيشي والاجتماعي».