بيروت ـ ناجي شربل وأحمد عز الدين
انتهت جلسة الحكومة اللبنانية بتكليف الجيش بوضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة بحد أقصى نهاية السنة الحالية، إلى جزء ثان اليوم الخميس للمزيد من النقاش المتعلق ببنود الورقة الأميركية، والى نقاشات أخرى تتعلق بوضع قيادة الجيش اللبناني خطة للتنفيذ، على ان تعرض على الحكومة قبل نهاية الشهر الجاري.
وفي رأي مراقبين ان الحكومة اجتازت اختبارا مهما، وعبرت بسلاسة مطبا توقف عنده الجميع، في ضوء الرفض العلني لقيادة «حزب الله» تسليم السلاح، وطرح أفكار تتناقض في شكل جذري مع الورقة الأميركية. وجاء البيان الرسمي الصادر عن الحكومة بشخص رئيسها نواف سلام، ليؤمن مخرجا لمأزق واجه الجلسة، حيث لم ينفع الإجماع في مواجهة رفض «الحزب» كونه المعني الرئيسي بهذه المسألة، وكونه قادرا أيضا على العرقلة في حال عدم رغبته بالتعاون، الأمر الذي لا تريده القيادة السياسية للبلاد، الساعية إلى تجنيب لبنان المخاطر والويلات والاصطدام بالمجتمع الدولي، والتعرض تاليا للمزيد من الحصار الاقتصادي وحجب المساعدات.
وبدا ان الاتصالات ستستمر، مع النجاح في شراء الوقت أمام الخارج، بغية إقناع «الحزب» بالتعاون لما فيه مصلحة البلاد، والانضواء في الإجماع اللبناني الذي ضم مؤيدين وحلفاء لـ«الحزب»، باعتبار ان الجميع لطالما طالب بحصرية السلاح، وجعل الدولة اللبنانية وحدها تمتلك قرار السلم والحرب. وقد خطت الحكومة اللبنانية خطوتها الأولى والمفصلية نحو بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وإن لم تكتمل الخطوة بانتظار النقاش اليوم حول بنود الورقة الأميركية التي تتضمن 11 بندا تتناول تنفيذ الاتفاق وصولا إلى الانسحاب الكامل وتسوية شاملة للحدود اللبنانية، غير أن ما قررته الحكومة يشكل الأساس الثابت لقيام الدولة. وأكدت مصادر حكومية لـ«الأنباء» أن «اتخاذ القرار بوضع سقف زمني لسحب السلاح قبل نهاية السنة الحالية، والنقاش حول ترتيبات تنفيذ البنود والفواصل الزمنية التي تتضمنها قابلة للنقاش. ولن يتم البحث النهائي فيها قبل تقديم الجيش للخطة المطلوبة منه قبل نهاية أغسطس الجاري، وان اقرار الورقة يكون بالمبدأ دون اي تعديل في التفاصيل».
وأشارت المصادر «إلى أن تأجيل النقاش أو استكماله حول بنود الورقة الأميركية جاء انطلاقا من أنها بقيت سرية بين الرؤساء الثلاثة، ولم يطلع عليها الوزراء والنواب، وهي تتضمن قضايا تحدد مصير البلد ولا يمكن إقرارها من دون نقاش، خصوصا وأن معظم وزراء الحكومة من غير السياسيين كما أشارت وزيرة البيئة تمارا الزين المحسوبة على رئيس المجلس نبيه بري. وبالتالي فإن النقاش حولها كان في العناوين العامة، على أن تبحث بنودها الـ11 في اجتماع اليوم، بعدما يكون ممثلو القوى السياسية درسوا هذه الورقة خلال الساعات الـ48 الفاصلة بين الجلستين.
وفيما تعمد «حزب الله» الذي لم يشأ الغياب عن الحدث وفي إشارات واضحة توجيه الرسائل، لاحظ مراقبون غياب التحرك الايراني المباشر كما كان يحصل سابقا عند أي مفصل سياسي لبناني.
من جهته اعتبر حزب «القوات اللبنانية»، قرار مجلس الوزراء تكليف الجيش وضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة نهاية العام الحالي «قرارا تاريخيا».
وقالت القوات في بيان لها، ان «القرار التاريخي الذي اتخذه مجلس الوزراء، وجب اتخاذه لولا الانقلاب على «وثيقة الوفاق الوطني» ولولا الانقلاب على القرار 1701 ولولا الانقلاب على اتفاق وقف اطلاق النار الذي نص حرفيا على نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان». وأضاف البيان، «لقد وضعت جلسة مجلس الوزراء لبنان على سكة العودة إلى دولة فعلية وطبيعية، والمدخل لهذه العودة هو الالتزام بالنصوص المرجعية، وهذا تحديدا ما فعله رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة».
في المقابل، قال «حزب الله» في بيان، ان «هذا القرار يسقط سيادة لبنان، ويطلق يد إسرائيل للعبث بأمنه وجغرافيته وسياسته ومستقبل وجوده، وبالتالي سنتعامل مع هذا القرار كأنه غير موجود».
كذلك صدر بيان عن المكتب الإعلامي في حركة «أمل»، جاء فيه: «كان حري بالحكومة اللبنانية التي تستعجل تقديم المزيد من التنازلات المجانية للعدو الإسرائيلي باتفاقات جديدة، كان أولى ان تسخر جهودها لتثبيت وقف النار أولا ووضع حد لآلة القتل الإسرائيلية التي حصدت حتى الساعة المئات من المواطنين اللبنانيين بين شهيد وجريح. بذلك تكون الحكومة تعمل عكس ما جاء في خطاب القسم لرئيس الجمهورية ومخالفة لبيانها الوزاري، وبالتالي جلسة اليوم فرصة للتصحيح وعودة للتضامن اللبناني كما كان».
في اي حال، لفتت الإجراءات التي اتخذتها الأجهزة الأمنية اللبنانية وفي طليعتها الجيش اللبناني في جميع المناطق، وتحديدا على تخوم الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، تزامنا مع جلسة الحكومة. وكان حرص على تأمين حرية التعبير وحق الاعتراض، من دون المساس بالأمن وتخطي المسموح به. وقد اشاعت الإجراءات ارتياحا لدى المواطنين، وعززت الاطمئنان إلى ان الأمن الداخلي ممسوك، ولا عودة إلى أيام كانت تفلت فيها الأمور وتهدد السلم الأهلي.
وفي سياق متصل، زار قائد الجيش العماد رودولف هيكل المملكة المتحدة بدعوة رسمية من نظيره البريطاني الأدميرال طوني راداكين. وشارك العماد هيكل في الاجتماع السنوي التاسع لمجموعة «دراغون» بحضور عدد من قادة جيوش دول الخليج والشرق الأوسط. وهذه المرة الأولى التي يعقد فيها الاجتماع بمشاركة قائد الجيش اللبناني. وقد جرى التداول في التحديات الأمنية الإقليمية والدولية. كما عقد اجتماع بين العماد هيكل والأدميرال راداكين، وتناول البحث سبل تعزيز التعاون وسط الظروف الاستثنائية الراهنة.
وفي شق حياتي، عقدت لجنة الاقتصاد والتجارة والصناعة والتخطيط جلسة في المجلس النيابي برئاسة النائب فريد البستاني، وبحضور وزير الاقتصاد عامر البساط ووزير الطاقة جو صدي، والنواب أعضاء اللجنة.
وقال البستاني إن «قانون حماية المستهلك سيقر قريبا في اللجان النيابية المشتركة، تمهيدا لإحالته الى الهيئة العامة، بالتوازي مع قانون المنافسة العامة». وتطرق إلى موضوع تسعيرة المولدات، مؤكدا أن «مفتشي وزارة الاقتصاد سيكثفون جولاتهم لمراقبة الالتزام بتركيب الفلتر، واعتماد العدادات، ودفع الضرائب المستحقة»، مشددا على أن «الدولة فوق الجميع».
وفي يوميات الجنوب، ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، ان مسيرة اسرائيلية استهدفت دراجة نارية في بلدة تولين (قضاء مرجعيون)، ما أدى إلى وقوع اصابات.