تشتهر سواعد الخير الكويتية في التعبير عن فطرتها الخيرة وحبها للبذل والعطاء، لا سيما في مواسم الخير والرحمات وفي مقدمتها شهر رمضان المبارك.
وتتجلى مظاهر الخير في الشهر الكريم، كالمساعدات المقدمة الى الدول الإسلامية والمحتاجين فيها، والتنوع في طرح المسابقات الدينية والثقافية، وفي إقامة موائد الرحمن المخصصة لإطعام الصائمين إحياء لمسيرة الآباء والأجداد في حب الخير.. والكويتيون على اختلاف فئاتهم يعشقون العمل الخيري ويقبلون على ممارسته، لا سيما في شهر رمضان المبارك بشتى صوره، فمنهم من يتصدق على الفقراء والمساكين ومنهم من يتبرع لذوي القربى وأبناء السبيل والمحتاجين.. وموائد الرحمن التي يفرشها أفراد أو مؤسسات أو هيئات أو جمعيات أو لجان خيرية محليا وخارجيا تغيث الملهوفين وتعين المنكوبين وتكفل الأيتام، وتساعد الصائمين الفقراء وعابري السبيل.. وفي داخل الكويت، توفر هذه الموائد للصائم غير القادر إفطارا منوعا تقدم فيه شتى الأطعمة والتمور والعصائر والفواكه، إضافة الى الحلوى، وهذا ما يعتبره الإسلام سلوكا راقيا وعملا من أعمال الإحسان التي يتشرف أهل الكويت بعمله من منطلق إسلامي بحت.. ويسعى الكويتيون إلى التنويع في هذه الموائد، فتارة تقدم في أطباق كبيرة (مناسف) وتارة في أوان بلاستيكية أو علب خاصة ومنهم من يفتح ديوانيته لإطعام من يفدون إليه أو من يمرون قرب منزله.
أول مائدة من موائد الرحمن أقامها الرسول ژ عندما قدم عليه وفد الطائف الى المدينة واعتنقوا الإسلام، فكان الرسول ژ يرسل لهم إفطارهم وسحورهم مع بلال بن رباح، واقتدى بذلك الخلفاء الراشدون من بعده، فكان عمر بن الخطاب ÿ أول من أعد دارا للضيافة في العام السابع عشر من الهجرة، كما أنه أول من أنار المسجد لإتاحة الفرصة لصلاة التراويح.
ومع وصول هارون الرشيد إلى سدة الخلافة العباسية، اعتاد طوال حكمه الذي استمر 23 عاما، إقامة موائد الرحمن طوال شهر رمضان في حديقة قصره، وكان يتنكر في ملابس بسيطة ومتواضعة، لكي يتمكن من التجول بحرية بين الصائمين ويسألهم عن أحوالهم.
وقد واصل المعز لدين الله الفاطمي في عهده إقامة الموائد في شهر رمضان أيضا، وكانت مخصصة في البداية لزائري جامع عمرو بن العاص، ثم ما لبثت أن امتدت لترحب بجميع المحتاجين. ووفقا لبعض الأقوال كان يخرج من قصر الخليفة الفاطمي قرابة الـ 1100 قدر من جميع أنواع الطعام لتوزع على الفقراء، وسميت مائدته بـ «دار الفطرة».
وقد وصل طول بعض هذه الموائد المعدة يوميا ما يزيد على 150 مترا لاستيعاب أعداد الصائمين. قبل أن تتراجع فكرة مائدة الرحمن الرمضانية بشكل تدريجي في عصر المماليك والعثمانيين بسبب الحروب، ثم تعود وتتواصل عبر الأجيال المتعاقبة لتجسد روح الوحدة بين المسلمين.
أصول التسمية
أما عن مصطلح «مائدة الرحمن»، فقد بدأ استخدامه وفقا لأرجح الأقوال، في عهد الفقيه وعالم الديار المصرية الليث بن سعد بن عبدالرحمن، في عهد الدولة الأموية.
وبحسب موقع Egyptian Geographic فقد كان العالم الجليل الليث بن سعد يساعد الفقراء والمساكين بطرق عدة، وإحدى الطرق التي سنها لمساعدة المساكين كانت بإنشاء موائد طعام خارج منزله للفقراء وعابري السبيل. ومن هنا بدأ المسمى الحقيقي للمائدة وقد استمر فيها حتى وفاته عام 791 ميلاديا.