- بعضهم تقرح جلده من وساوس الوضوء والغسل حتى أفسد عليهم حياتهم
- الإعراض والانشغال عن الوساوس من أعظم الوسائل في دفعها ورفعها
- المبتلى به عليه أن يطمئن لأن كراهته لهذا الوسواس من صريح الإيمان
أكد د. مطلق جاسر الجاسر ان من اخطر وسائل عداوة الشيطان للانسان التسلط عليه بالوساوس التي تحرفه وتصرفه عن دينه وتناول في حديثه تعريف الوساوس وأنواعها والعلاج الشرعي للوسواس القهري.. فإلى نص الحوار:
كثير من الناس مصابون بداء الوسوسة فماذا تقول لهم؟
٭ من أخطر وسائل عداوة الشيطان للإنسان التسلط عليه بالوساوس التي تحرفه وتصرفه عن دينه، لذلك امرنا الله تعالى أن يستعيذ به من الوسواس الخناس (سورة الناس) وفي الآونة الاخيرة لاحظت كثرة الاسئلة التي يشتكي اصحابها من الوساوس، سواء وسواس العقيدة في الطهارة او في الطلاق وغيرهما وقد بلغ الوسواس ببعضهم مبلغا كبيرا حتى أفسد عليهم حياتهم، فبعضهم يمكث الساعات الطويلة في دورة المياه، وبعضهم تقرح جلده من كثرة الوضوء والغسل، وبعضهم يعيش في مشاكل يومية بسبب الوسواس في الطلاق، وبعضهم يعاني ألما نفسيا كبيرا بسبب وساوس العقيدة.
هل يعتبر الوسواس مرضا؟ وكيف تتعامل مع أصحاب الوساوس؟
٭ الوسواس القهري مصنف ضمن الأمراض النفسية لذلك كنت أحيل من اشتدت حالته منهم الى المختصين النفسيين لتلقي العلاج لكن نسبة كبيرة منهم حالتهم خفيفة ومتوسطة ويمكنهم بعون الله التخلص من هذا الوسواس بشيء من الاجتهاد والاتباع للعلاج الشرعي الوارد في الكتاب والسنة، فكتبت ورقات تتضمن هذا العلاج فكنت ارسلها لكل من سأل ثم بدا لي ان انشرها ليعم النفع بها.
وما تعريف الوسواس؟
٭ الوسواس أو الوسوسة هي حديث النفس والأفكار، والرجل الموسوس هو الذي غلبت عليه الوسوسة، وقد وسوست إليه نفسه وسوسة ووسواسا بالكسر، وهو بالفتح: الاسم والوسواس ايضا اسم للشيطان، ووسوس إذا تكلم بكلام لم يبينه، فالوساوس أفكار تأتي للإنسان إما من نفسه كما قال تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) وإما من الشيطان كما وسوس لأبينا آدم (فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى) وهذه الوساوس تشككه في دينه أو في ربه أو في رسوله صلى الله عليه وسلم.
وهل يؤاخذ المسلم على وساوس النفس والشيطان؟
٭ لا يؤاخذ مالم يتكلم بها أو يعمل بها، لقوله تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها) وقوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم، ولكنه مأمور بمدافعتها فإذا ما تهاون في مدافعتها واسترسل معها فإنه قد يؤاخذ على هذا التهاون.
هل تذكر لنا بعض صور وسوسة الشيطان للمسلم؟
٭ قد يأتي الشيطان ويوسوس للمسلم أشياء منكرة في حق الله تعالى أو رسوله أو شريعته، يكرهها المسلم ولا يرضاها، فمدافعة هذه الوساوس وكراهيتها دليل على صحة الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: «وقد وجدتموه؟» قالوا: نعم، قال: «ذاك صريح الإيمان» وتدل روايات الحديث على عظم ما يجدونه في نفوسهم، ففي رواية: قالوا: يا رسول الله إنا لنجد في أنفسنا شيئا لأن يكون أحدنا حُممة أحب إليه من أن يتكلم به».
هل هناك فرق بين الوساوس والشبهات؟
٭ نعم هناك فرق، فالموسوس غير راغب فيما يأتيه من أفكار، فهو يعلم أن الله موجود وأن الدين صحيح، لكن يأتيه خاطر عابر من غير إرادته فيستقر في ذهنه فيفزعه فيزداد وروده عليه وفزعه ولو لم يكن مؤمنا بالله وبوجود النار لما فزع منها، لذلك لا حساب عليه إن شاء الله، أما الشاك المتأثر بالشبهات فهو يستمع الشبهة ويقلب فكره فيها بإرادته فيميل إليها ويحكم عليها بإرادته أنها شبهات منطقية ومن الممكن عنده ان تكون صحيحة وقد يتوقف في شأن إيمانه.
كما أن الموسوس قد يكون جاهلا بجواب الشبهة التي ادخلها عليه الوسواس فيسأل عنها فيقتنع عقله أول الأمر لكن الأفكار تُلح عليه ولا تفارقه وتظل تدور في رأسه رغم معرفته بأنها غير صحيحة ورغم محاولاته طردها وتظل تأتيه بصيغ جديدة وتقول له: (لكن ماذا لو...) أما الشاك فبمجرد معرفته لجواب الشبهة واقتناعه بها فإنه يزول تردده وينشرح صدره وتفارقه الأفكار إذا كان من المنصفين.
وما العلاج الشرعي للوسواس؟
٭ المبتلى بوسواس العقيدة ينبغي له أن يطمئن لأن كراهته لهذا الوسواس ورغبته في التخلص منه من صريح الإيمان، وقد جاءت الشريعة الإسلامية بعلاج هذا الوسواس ويتضمن اربعة محاور لذا أسميته (علاج التاءات الأربعة) وهي التأكيد والتطمين، والتحصين والتشاغل، فيكون التأكيد بالإيمان من أنفع ما يدفع وسواس الشيطان ويرسخه في النفس، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم العبد أن يقول: آمنت بالله ورسوله فإن هذا القول إيمان وذكر الله يدفع به ما يضاده من الوسوسة القادحة في العلوم الضرورية الفطرية ويشبه هذا الوسواس الذي يعرض لكثير من الناس في العبادات حتى يشككه هل كبر أم لا؟ وهل قرأ الفاتحة أم لا؟ وهل نوى العبادة أم لم ينوها؟ وأما العلاج الثاني «التطمين» بأن يتيقن المبتلى بالوسواس أنه لا يدل على ضعف الإيمان ولا نقصه وإنما على صحة الإيمان.
ويكون التحصين بالتعود اي الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم وذكر الله يطرد الشياطين ووساوسها وأن الإنسان لا حول له ولا قوة (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).
وكذلك التشاغل والإعراض عن هذه الوساوس والانشغال عنها من أعظم الوسائل في دفعها ودفعها، قال صلى الله عليه وسلم «فليستعذ بالله ولينته» أي ينشغل ويعرض عن هذه الوساوس بممارسة انشطة وأعمال تأخذ من جهده البدني والفكري بحيث يصرف ذهنه عن الوساوس.