صدر في الجريدة الرسمية «الكويت اليوم»، في عددها الصادر أمس الأحد مرسوم بقانون رقم 70 لسنة 2025 بإلغاء نص المادتين (159 و182) من قانون الجزاء الصادر بالقانون رقم 16 لسنة 1960. وجاء في نص المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون: انطلاقا من المبادئ الدستورية الراسخة التي كفلها دستور الكويت في حماية الأمومة والطفولة، ورعاية النشء وحمايته من الاستغلال والإهمال، وإعمالا للالتزامات الدولية التي تبنتها الدولة من خلال مصادقتها على المواثيق والاتفاقيات المعنية بحقوق الطفل، أصبح من الضروري إلغاء نص المادة 159 من قانون الجزاء الصادر بالقانون رقم 16 لسنة 1960 فيما قرره هذا النص من عذر قانوني مخفف للأم التي تقتل وليدها فور ولادته دفعا للعار.
وتستند ضرورة هذا الإلغاء إلى عدة مبررات، منها ما يتعلق بتعارض المادة 159 المشار إليها مع المبادئ التي قررها دستور الكويت، لاسيما ما نصت عليه المادة 9 منه من ان «الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها، ويقوي أواصرها، ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة»، وما قررته المادة 10 من الدستور من ان «تلتزم الدولة برعاية النشء وحمايته من الاستغلال، ووقايته من الإهمال الأدبي والجسماني والروحي»، كون الحق في الحياة هو أساس جميع الحقوق الأخرى التي ترتبط به وجودا وعدما، وهو مبدأ أكدته الشريعة الإسلامية في قول الحق تعالى في الآيتين 8، 9 من سورة التكوير (وإذا الموءودة سئلت، بأي ذنب قتلت)، وقوله سبحانه وتعالى في الآية (31) من سورة الإسراء: (لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقكم وإياهم)، فضلا عن الاعتبارات الأخرى التي تتعلق بتنافي المادة 159 من قانون الجزاء المشار إليها مع الالتزامات الدولية للكويت بموجب اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، التي صادقت عليها الدولة بموجب القانون رقم 104 لسنة 1989، التي صادقت عليها الدولة بموجب القانون رقم 104 لسنة 1991، خاصة ما نصت عليه هذه الاتفاقية في مادتها السادسة من أن «تعترف الدول الأطراف بأن لكل طفل حقا أصيلا في الحياة، كما تكفل الدول الأطراف إلى أقصى حد ممكن بقاء الطفل ونموه»، وما جاء في ميثاق حقوق الطفل العربي لعام 1983 الذي أقرته الكويت بالقانون رقم 36 لسنة 1993، والذي أكد ضرورة توفير أقصى درجات الحماية القانونية للأطفال من جميع أشكال العنف والإهمال.
لهذا كله بات من الواضح ان استمرار العمل بالمادة 159 من قانون الجزاء المشار إليه، في إتاحة استثناء غير مبرر في تخفيف العقوبة الجرائم التي تستهدف حياة الطفل يتنافى مع المبادئ الدستورية والالتزامات الدولية على النحو سالف بيانه.
وانطلاقا من ذات المبادئ الدستورية الراسخة والتي كفلها دستور الكويت في حماية الحقوق والحريات، وضمان العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع، وإعمالا للالتزامات الدولية التي تبنتها الدولة من خلال مصادقتها على الاتفاقيات المعنية بمناهضة العنف ضد المرأة، أصبح من الحتمي أيضا، ومن اللازم إلغاء نص المادة 182 من قانون الجزاء المشار إليه، والتي نصت على إعفاء الخاطف من العقوبة في حال تزوج بمن خطفها، لما ينطوي عليه حكم هذه المادة من تعارض صريح مع أحكام الدستور، والمبادئ القانونية الراسخة والمواثيق الدولية ذات الصلة.
ويتمثل هذا التعارض، في تعارض المادة 182 من قانون الجزاء المشار إليها مع المادة 29 من الدستور التي تنص على ان «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس، او الأصل، او اللغة، او الدين»، حيث تمنح المادة 182 سالفة الذكر ميزة غير مبررة للجاني بالإفلات من العقوبة بمجرد زواجه من الضحية، ومما يخلق تمييزا قانونيا يضر بحقوق المرأة ويقوض مبدأ المساواة أمام القانون. فضلا عن انها بذلك تعد انتهاكا صارخا لحقوق الضحية، وتكرس ثقافة الإفلات من العقاب، مما يستوجب إلغاؤها لضمان مواءمة التشريع الوطني مع القيم الدستورية والعدالة الجنائية، إذا بات من الواضح ان استمرار العمل بها يوفر غطاء قانونيا غير مبرر للجناة.
وإذ صدر بتاريخ 10/5/2024 الأمر الأميري، ونصت المادة 4 منه على ان تصدر القوانين بمراسيم بقوانين، لذا أعد مشروع المرسوم بقانون الماثل ونصت المادة الأولى منه على إلغاء نص المادتين (159 و182) من قانون الجزاء المشار إليه. وألزمت المادة الثانية من المشروع الماثل الوزراء كلا فيما يخصه تنفيذ هذا القانون، وحددت تاريخ العمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.