بيروت - ناجي شربل وأحمد عز الدين
اتجهت الأنظار في الداخل اللبناني إلى مطار بيروت الدولي، لجهة ترقب حركة المسافرين في ضوء إغلاق دول مجاورة عدة مجالها الجوي أمام حركة الطيران، إثر الضربات الإسرائيلية على إيران فجر الجمعة.
تباعا توالى الإعلان عن إلغاء رحلات جوية من دول الخليج إلى بيروت، وصولا إلى طيران تركي خاص علق رحلاته الجوية.
وجاءت هذه الخطوات في العد التنازلي لموسم الذروة في عودة المقيمين في دول الخليج إلى البلاد لتمضية إجازة الصيف، حيث درجت العادة على اصطحاب الأولاد وتركهم لتمضية فصل الصيف، قبل العودة مع أحد أفراد العائلة إلى مكان الإقامة في دول الخليج العربي.
كذلك تأثرت حركة القادمين من أستراليا، حيث يعيش عدد كبير وضخم من أبناء الجالية. فيما لم يرتفع القلق بالنسبة إلى الوافدين من الولايات المتحدة وأوروبا عن طريق الدار البيضاء والمطارات الأوروبية وتركيا.
في الداخل اللبناني لا جديد، ذلك ان اللبنانيين اعتادوا الحروب وخصوصا تلك التي لم تتوقف من قبل إسرائيل على البلاد، والتي بلغت ذروتها بين 20 سبتمبر و27 نوفمبر 2024، ولا تزال مستمرة بوتيرة ترتفع أحيانا بسلسلة ضربات في الجنوب والبقاع وصولا إلى الضاحية الجنوبية، كما حصل عشية عيد الأضحى المبارك.
اعتاد اللبنانيون الأزمات والحروب، واشتدت مناعتهم، ما يجعلهم يحصرون التفكير في تمضية فصل الصيف، وتفادي ما بات يعرف بـ «الأماكن الخطرة».
فقط شاب القلق البعض من احتمال دخول لبنان عبر تنظيمات مسلحة فيه تدور في «المحور الايراني» الحرب إسنادا لايران، مع ما يمكن ان يستتبع ذلك من عواقب وخيمة جراء رد إسرائيلي، لا قدرة للبنان الدولة والشعب على تحمله.
وقال رئيس الجمهورية العماد جوزف عون من العاصمة الإيطالية روما: «ان الاعتداءات الإسرائيلية فجر الجمعة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لم تستهدف الشعب الإيراني فحسب، بل استهدفت كل الجهود الدولية التي تبذل للمحافظة على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والدول المجاورة وتفادي التصعيد فيها»، معتبرا ان «مثل هذه الاعتداءات ترمي إلى تقويض كل المبادرات والوساطات القائمة حاليا لمنع تدهور الأوضاع والتي كانت قطعت شوطا متقدما بهدف الوصول إلى حلول واقعية وعادلة تبعد خطر الحرب عن دول المنطقة وشعوبها».
ودعا الرئيس عون المجتمع الدولي «إلى التحرك الفاعل والسريع لعدم تمكين إسرائيل من تحقيق أهدافها التي لم تعد خافية على احد والتي تنذر في حال استمرت، بأخطر العواقب».
وقدم الرئيس عون تعازيه إلى القيادة الإيرانية بالذين قضوا نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية من قياديين عسكريين ومدنيين متمنيا الشفاء العاجل للمصابين.
وأصدر رئيس مجلس النواب نبيه بري بيانا تعليقا على الضربات الإسرائيلية لايران، أكد فيه أن «العدوان الإسرائيلي الذي استهدف الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالقدر الذي يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولسيادة الدول المستقلة واستقرار جوارها الإقليمي هو فعل مدان بكل المقاييس، وهو أيضا وبالدليل القاطع وبما لا يدع مجالا للشك أن هذا الكيان من خلال حروبه العدوانية المتواصلة في قطاع غزة ولبنان، واليوم فجرا ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومن خلال سلوك مستوياته السياسية والعسكرية والأمنية، يمثل تهديدا عابرا لحدود الدول المستقلة وللأمن والاستقرار الدوليين». وأضاف بري: «إننا إذ نؤكد تضامننا الكامل ووقوفنا إلى جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية قائدا وشعبا وثورة، ومشاطرتنا لذوي الشهداء الذين سقطوا جراء هذا العدوان الغادر أسمى آيات العزاء متمنين للجرحى الشفاء العاجل، ندعو المجتمع الدولي إلى موقف جاد وصريح وقبل فوات الأوان يلجم ويوقف العدوانية الإسرائيلية التي لا تغتال فقط الإنسان والطفولة والأمن والاستقرار والقوانين والقرارات الدولية، إنما هي تغتال قبل أي شيء آخر كل مسعى أو جهد يبذل من أجل إرساء قواعد السلام العادل والشامل في العالم وفي منطقة الشرق الاوسط».
رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام كتب عبر حسابه على «إكس»: «أدين بشدة العدوان الإسرائيلي الخطير على ايران. فهو يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولسيادة ايران، وتداعياته تهدد استقرار المنطقة بأشملها لا بل السلم العالمي».
ومن باب احترازي، أقفلت عدة مدارس في الضاحية الجنوبية لبيروت وأبلغ الطلاب بالبقاء في منازلهم، والأمر نفسه انسحب على عدد من مدارس الجنوب.
وأبدت مصادر مطلعة لـ «الأنباء» خشيتها من «ان تشكل الساحة اللبنانية خاصرة رخوة في المنطقة، على رغم الوضع اللبناني المنهك ووضع البلاد تحت المجهر الدولي». وحذرت من «ان فتح جبهة من لبنان سيكون لها مخاطر لن يتحملها الشعب اللبناني ولا الحكومة اللبنانية ولا أي فريق على الساحة، خصوصا بعدما تعرض له المحور من ضربات منذ عملية طوفان الاقصى في 7 اكتوبر 2023 في مستوطنة غلاف غزة، وما اعقبها من تغيير في الخريطة السياسية في المنطقة».
على صعيد آخر، ثمة سؤال يطرح: هل بدأت عملية سحب السلاح اللبناني أو تعطيله على الأقل من دون اعلان؟ مصادر نيابية معنية ذكرت لـ«الأنباء»: «يمكن القول ان عملية سحب السلاح أو عدم تحريكه بدأت ولو بشكل تدريجي وغير مباشر، من خلال عدم الاعتراض على أي من عمليات الجيش اللبناني بالكشف عن مواقع تشك لجنة الاشراف على وقف إطلاق النار بوجود أسلحة فيها في أي منطقة من لبنان.
وبالتالي فإن سيادة الدولة من خلال الجيش وأجهزتها الرسمية على كامل الأراضي اللبنانية تتم بشكل تدريجي. والسلاح المخبأ وغير المعروف يبقى خارج إطار الخدمة، كما كل الأسلحة الموجودة لدى الاطراف اللبنانية الأخرى. وبالتالي لم تعد هناك مناطق أو «جزر أمنية» تحت سيطرة فريق معين وخارج سلطة الجيش اللبناني. والأخير أصبح يملك سلطة القرار للكشف على أي موقع أمني، وباتت الأسلحة التي يمكن ضبطها بإمرته لجهة مصادرتها أو إتلافها، على أمل ان يسري هذا الأمر على المخيمات الفلسطينية، فتتمكن الدولة اللبنانية بأجهزتها من الدخول والبحث والكشف عن أي أسلحة موجودة في أي بقعة من لبنان».
في مجال آخر، قالت مصادر مطلعة ان «الثنائي» يتجه إلى التحركات الشعبية لمواجهه الوضع المأزوم، في ظل عدم تحقيق أي من الأهداف الأربعة التي كان يعلنها دائما للتعاون في تنفيذ المطالب الدولية، وهي: وقف الاعتداءات الإسرائيلية، وتحقيق الانسحاب الكامل حتى الحدود، إطلاق الأسرى، والمباشرة في عملية إعادة الإعمار. وسيكون البند الأخير أي الاعمار المنطلق لاي حركة شعبية. وهذا الأمر يلقى تجاوبا من شريحة واسعة من الجنوبيين خصوصا، في ظل استمرار الإجراءات الإسرائيلية التي تمنع أي عملية إعمار في القرى الحدودية المدمرة، او عودة السكان إلى اليها. كما تقوم إسرائيل أيضا بتدمير المنازل الجاهزة، إضافة إلى منع أبناء هذه المناطق من استثمار حقولهم للسنة الثالثة، حيث يتعذر عليهم جمع المحاصيل التي تشكل مصدر عيشهم.