- الألعاب التي لا نفع فيها إذا لم تشتمل على محرم ولا تشغل عن واجب تبقى على أصل الإباحة
- إذا أخرج كل المتسابقين عوضاً فهو حرام وصورة من القمار ولا تجوز شرعاً إلا أن يدخل بينهما محلل
- ما يقع فيه مشجعو النوادي من العداوة والبغضاء لمنافسيهم حرام شرعاً
- لا يجوز لبس الرجال الميداليات الذهبية الخالصة ويجوز إن كانت مطلية بالذهب فقط
أكد د.السيد محمد الطبطبائي أن الرياضة التي تقوي شباب الأمة محمودة شرعا، وأن حكم ممارسة الرياضة يجري فيه الأحكام التكليفية الخمسة، مشيرا إلى ان الرياضة الهادفة تحقق للأبدان القوة وتغرس الثقة بالنفس وتثبت روح التنافس بين أفراد المجتمع ويقضي فيها الشباب أوقاتا نافعة.
وقال ان الألعاب التي لا نفع فيها اذا لم تشتمل على محرم ولا تشغل عن واجب تبقى على أصل الإباحة وأن المسابقة بغير عوض جائزة مطلقا، وفيما يلي حوار مفصل مع د. السيد محمد الطبطبائي:
ما الأدلة على مشروعية الرياضة؟
٭ قوة الأمة لا يمكن ان تتحقق إلا من خلال اتخاذ أسبابها الموصلة إليها، فالقوة ليست منحة تنزل من السماء دون أخذ الأسباب التي تساعد على ذلك. قال تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) ومن أسباب قوة الأمة الرياضة والتمرين على نحو يقوي شباب الأمة، وقد وردت عدة أحاديث نبوية ترشد إلى القيام بالرياضة البدنية لما في ذلك من تنمية قوة الأبدان وبث روح التنافس بين المسلمين.
وما حكمها؟
٭ يجري في حكم ممارسة الرياضة الأحكام التكليفية الخمسة وهي الوجوب والاستحباب والإباحة والكراهة والتحريم. فتكون على الوجوب: إذا لم تشغله عن عبادته ويحتاجها لقوامة بدنه أو لقوة مجتمعه حاجة تبلغ الضرورة وتكون مستحبة إذا لم تشغله عن واجب ونوى بها تقوية بدنه أو مجتمعه مصلحة، أما الكراهة: إذا كان اللعب لأجل المتعة وتمضية الوقت وكان ذلك ديدن الإنسان أو شغلته عن أمور مستحبة أولى منها ولم يكن بحاجة إلى هذه الرياضة لتقوية بدنه حينئذ مكروهة، وتحرم اذا ترتب عليها تفويت واجب كصلاة او اقترنت بمحرم كإظهار عورة وتبرج وإن كان الأصل العام في ممارسة الرياضة انها من الأمور المشروعة في شريعتنا الإسلامية طالما انتفى المانع تترك الواجبات.
قال ابن قدامة: أجمع المسلمون على جواز المسابقة في الجملة. وقال ابن تيمية: «شرعت المسابقة بالخيل والإبل والسهام وأخذ الجعل عليها لما فيه من الترغيب في إعداد القوة ورباط الخيل للجهاد في سبيل الله وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسابق بين الخيل هو وخلفاؤه الراشدون ويخرجون الاسباق من بيت المال.
ما حكم تنظيم المسابقات الرياضية؟
٭ المسابقات على ضربين: مسابقات بعوض ومسابقات بغير عوض ويختلف حكم تنظيم المسابقات في كل من هذين الضربين، فالمسابقة بغير عوض جائزة مطلقا كما قال ابن قدامة كالمسابقة على الأقدام والسفن والطيور والبغال والحمير والفيلة والمزاريق وتجوز المصارعة ورفع الحجر ليعرف الأشد وغير هذا، والذي أراه ان الألعاب التي لا نفع فيها إذا لم تشتمل على محرم ولا تشغل عن واجب سواء في عبادته أو رعايته لمن وجبت عليه رعايتهم فتنبغي على الأصل وهو الإباحة.
وما حكم المسابقات الرياضية بعوض؟
٭ اختلف الفقهاء على 5 أقوال، فالقول الأول هو لجمهور العلماء من المالكية والحنبلية وهو وجه عند الشافعية، حيث ذهبوا الى ان جواز المسابقة بعوض يقتصر على الخف والحافر والنصل. والقول الثاني هو الحنفية وهو ان المسابقات بعوض تكون في 4 أنواع: الحافر، الخف، النصل والقدم، ولا يجوز في غيرها. والقول الثالث ذهب ومنهم عطاء الى جواز المسابقات بعوض في كل شيء. والقول الرابع أجاز المسابقات يعوض في الخيل فقط، والقول الخامس: وهو لبعض المتأخرين أنه يجوز المسابقات والرهان فيما فيه مصلحة حتى مسائل العلم.
ما حكم العوض من المتسابقين؟
٭ اتفق الفقهاء على انه اذا أخرج كل من المتسابقين عوضا، وقال كل واحد: إن سبقتك فلي عليك كذا وإن سبقتني فعليّ كذا فإن هذه الصور من صور القمار ولا تجوز شرعا. إلا ان يدخل بينهما محلل وهو ثالث يشاركهما في المسابقة على انه إن سبق أخذ ما شرطاه وإن سُبق فلا شيء عليه، والقول بالمحلل مذهب تلقاه الناس عن سعيد بن المسيب.
ما حكم الجوائز من الإمام في المسابقات الرياضية؟
٭ اتفق العلماء على جواز المسابقة بعوض من حيث الجملة بشرط ان يكون من متبرع غير المتسابقين كالإمام، حيث لا يكون له فرس، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسابق بين الخيل وخلفاؤه الراشدون ويخرجون الأسباق من بيت المال.
وإذا كان عوض المسابقة من احد المتسابقين فكيف يكون حكمه؟
٭ إذا اشترط في المسابقة كون الجعل من احدهما دون الآخر فيقول: ان سبقتني فلك عشرة وإن سبقتك فلا شيء عليك. ذهب الجمهور الى ان هذه الصورة جائزة وقد عللوا قولهم بأن احدهما يختص بالسبق فجاز. وحكي عن مالك انه لا يجوز لأنه قمار. وقد ناقش أصحاب الرأي الأول ذلك بأن القمار لا يخلو كل واحد منهما من أن يغتنم أو يغرم وهنا لا خطر على احدهما فلا يكون قمارا، فإذا سبق المخرج أحرز سبقه ولا شيء على صاحبه، وإن سبق الآخر اخذ سبق المخرج فملكه وكان كسائر ماله لأنه عوض في الجعالة فتملك منها كالعوض المجهول في رد الضالة والآبق. والذي يترجح لي هو القول الأول الذي يذهب إلى جواز ان يكون الجعل من احدهما دون الآخر وذلك لانتفاء شبهة القمار فيه.
ما حكم الألعاب التي تتسم بالعنف كالمصارعة والملاكمة وغيرها؟
٭ نص جمهور الفقهاء على جواز المصارعة لأن فيها حثا على الجهاد، وأما الشافعية ففي الصراع عندهم وجهان، قال ابن تيمية: المصارعة قد تجوز كما صارع النبي صلى الله عليه وسلم ركانة بن عبد يزيد، وذهب بعض المعاصرين إلى ان الرياضة العنيفة كالمصارعة قد تودي بحياة الإنسان او يفقد معها احد اعضائه محرمة، وهذا ما يترجح لي لأن المباحات يجب ألا يترتب عليها انتهاك محرم وهو إزهاق نفس أو اتلاف عضو الا اذا كان بضوابط، اما الملاكمة فيختلف رأيي عن حكم المصارعة لأن الضرر فيه غالب فلا يخلو من إلحاق الضرر بالمتسابق والغرض من هذه الألعاب التقوي على الجهاد وليس إلحاق الضرر بالآخرين، وكذلك رفع الأثقال والمشابكة فتجوز.
ما حكم تشجيع نادٍ بعينه يفرح لفوزه ويحزن لخسارته؟
٭ من الظواهر المنتشرة بين الشباب اختيار احد النوادي الرياضية وتشجيعه اذا كان في حدود المحبة والميل لهذا النادي فقط فلا بأس، اما ما يحصل لدى كثير من الجهال من العداوة والبغضاء والاعتراك مع منافسيه فهذا حرام شرعا.
ما حكم شراء اللاعبين؟
٭ يتم شراء لاعبين من خارج البلاد مقابل اموال باهظة بهدف تقوية الفريق بهم ورفع كفاءة اللاعبين او الفوز بالمسابقات، ولما كانت الرياضة وسيلة لتنشيط الشباب وتقوية ابدانهم وبث روح التنافس بينهم وليس هدفها الفوز بالجوائز المحلية او الدولية، وعليه فلا يجوز بذل هذه الأموال في غير منفعة معتبرة شرعا وبخاصة مع القول بعدم مشروعية الاحتراف، الا ان تكون النية انه يراد من جلبه استئجاره لتدريب اللاعبين وإكسابهم المهارات المفيدة التي تعود على الأمة بالنفع، فحينئذ ارى الجواز بشرط عدم المغالاة في عوض الاجازة.
وهل يجوز اللعب مع فرق الدول غير المسلمة؟
٭ لا مانع شرعا من اللعب مع غير المسلمين طالما انه لم تكن هناك موالاة او رضا بكفرهم او يترتب عليه فتنة.
ما حكم لبس ميدالية من الذهب؟
٭ يتم تقليد الفائز في المباراة بميدالية من الذهب لو كانت مطلية بالذهب فيجوز لبسها لأنها ليست ذهبا وهذا هو الغالب، وأما ان تكون من الذهب الخالص فيجوز للمرأة لبسها في حال فوزها دون الرجل فيحرم لبسها ولو علقها مؤقتا، وله أخذها وإهداؤها لمن يجوز له لبسها او بيعها والتصرف بثمنها، ويحرم ايضا اقتناؤها لأن ما لا يجوز استعماله لا يجوز اقتناؤه.
ما حكم حضور المباريات ودفع المبالغ للحضور؟
٭ جائز شرعا طالما لم يترتب عليه الوقوع بالمحظور من ترك واجب كالصلاة او الوقوع بالشحناء والعداوة او النظر الى المحرمات. ويجوز دفع المبالغ لها.
هل يجوز السبق والرمي للنساء؟ وهل يجوز اجراء المسابقات لهن؟
٭ نص الفقهاء على انه لا يجوز للنساء الدخول في السبق والرمي وقد عللوا قولهم بأنهن لسن مخاطبات بالحرب. وأرى جواز اجراء المسابقات الرياضية للنساء ما لم تشتمل على محرم لما فيها من تقوية الأبدان وصحتها وبث روح المنافسة بينهن وإدخال السرور عليهن ويدل على ذلك مسابقة النبي صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالأقدام.
هل يجوز ان يكشف اللاعب عن عورته أثناء اللعب؟
٭ لكي يجوز للإنسان ممارسة الألعاب الرياضية لابد ان تكون غير مصاحبة لأمر محرم ومن ذلك كشف العورة، فمن الواجب على المسلم ذكرا كان أو أنثى أن يقوم بستر عورته عن النظر إليها، كما هو محدد في الشريعة.