- المسؤولية الشرعية والقانونية والقضائية والمدنية والجنائية هي الالتزام بتعويض الغير
- الجرائم التي تتم عن طريق الذكاء الاصطناعي جديدة في أنواع ومعهودة في بعضها الآخر
أكد الأستاذ بقسم الفقه المقارن والسياسة الشرعية بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د.فلاح الهاجري في دراســة فقهية له عن المســؤولية الشرعية لمستخــدمي الذكاء الاصطناعي أن لها ضـــوابط شرعية من أخل بها يستوجب عقـــوبة التعزير من ترويج الأكاذيب عن الدين الإسلامي أو دعم الإرهاب الإلكتروني أو كشف مقدرات الدولة، وتحدث الهاجري عن النتائج المتعلقة بالمسؤولية الشرعية والأخلاقية والقانونية لمستخدمي الذكاء الاصطناعي بتفصيل نتعرف عليه من خلال هذه السطور.
ما المسؤولية الشرعية لمستخدمي الذكاء الاصطناعي؟
٭ المسؤولية الشرعية من المسؤوليات التي تحكم تعامل الإنسان مع مجريات زمانه وتطوراته ونوازل وقته، ومن تلك التطورات: تقنية الذكاء الاصطناعي والتي فتح فيها الباب على مصراعيه للاستخدام من غير قيود ولا تحديد افراد او جماعات، فتعريف المسؤولية عند أهل اللغة: المسؤولية مصدر صناعي ويرجع في اللغة الى مادة «سأل» واسم المفعول منه هو «المسؤول» ويدور جذر هذا المصطلح حول طلب معرفة أو خبر أو عطاء.
ما تعريف المسؤولية في اصطلاح الفقهاء والباحثين المعاصرين؟
٭ لم يرد ذكرها عند الفقهاء قديما وإنما وجدت معانيها لديهم، والمسؤولية في الوقت ذاته مصطلح اختلف في تفسيره عند المعاصرين فمنهم من فسرها بالتبعية أي تحمل عواقب الأمر، ومنهم من فسرها بالمطالبة بالوفاء بالعهد أو القيام بالواجب خير قيام، ومنهم من فسر المسؤولية بإلزام شخص بضمان الضرر الواقع بالغير نتيجة لتصرف قام به ومنهم من ذكر غير ذلك ولعل أقربها للمعاني السابقة انها قيمة تؤكد حالة يكون فيها الإنسان صالحا للمؤاخذة والمساءلة عن اعماله وملزما بتبعاتها المختلفة، وعليه فإن الإلزام او المسؤولية قد تكون دينية او قضائية وبمعنى آخر قد تكون المسؤولية ادبية وقد تكون قانونية.
ما المسؤولية الشرعية لمستخدمي الذكاء الاصطناعي؟
٭ المسؤولية الشرعية لها مسميات منها المسؤولية القانونية والمسؤولية القضائية وهذه المسؤولية الشرعية تضاهي عند الحقوقيين مصطلح «المسؤولية القانونية» وهي تشمل المسؤولية المدنية والمسؤولية الجنائية، حيث عرفت بأنها الالتزام بتعويض الغير عما لحقه من تلف المال او ضياع المنافع أو عن الضرر الجزئي أو الكلي الحادث بالنفس الانسانية.
هل هناك أطر معينة تشملها المسؤولية الشرعية؟
٭ نعم فالمسؤولية الشرعية لا تقف عند القضايا التي وقعت وبحثت او حتى عند النصوص الشرعية الظاهرة، بل إنها تبحث في جميع تصرفات الإنسان الظاهرة، أما الأعمال القلبية فلا ينظر لها من الناحية القضائية حتى تظهر على جوارحه.
هل تدخل المسؤولية الدينية في معناها مع المسؤولية الشرعية؟
٭ لا تدخل معها لأنها مســؤولية امـام الله عــــزّ وجلّ وأمــام الضــمير الــذي فطــر على الفطرة السليمة وليس أمام القضاء وهي ما يسميه الفــقهــاء «حكم الديانة وحكم القضاء».
وماذا عن المسؤولية الأدبية؟
٭ المسؤولية الأدبية تعرف في الزمن الحالي بمسمى المسؤولية الأخلاقية تحاكي السلوكيات الإنسانية والنظر في مدى صوابها او خطئها، كما انها تدرس عواقب الفعل والقاعدة لهذه السلوكيات فتدرس نتائج ما يحدث عندما يتصرف الناس وفقا لنظام من القوانين او المعايير او القواعد وهو ما يسمى بمبدأ عواقب القاعدة وكذلك تدرس عواقب الفعل وهو النظر الى نتائج الافعال اي عواقبها دون النظر إلى مخالفة هذا الفعل للنظام العام او موافقته.
ما الاخلاقيات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي من وجهة نظر إسلامية؟
٭ هي المبادئ والمنطلقات التي تحكم مسار السلوك الانساني وتجدد الاطر والمرجعيات الاخلاقية للعلم والحضارة دينيا وقيميا وحضاريا، وتستند في مجال الذكاء الاصطناعي الى الايمان بالله ومراعاة المقاصد الشرعية للدين الإسلامي واعتبار القيم الانسانية والحضارية، وهذه المسؤولية سماها بعض الباحثين بالمسؤولية الدينية والمسؤولية الأدبية وهي مسؤولية أمام الله عز وجل وأمام الضمير المفطور بالفطرة السليمة، وايضا هي مسؤولية نابعة من كون الانسان مسؤولا عن كل ما يصدر من جوارحه لقوله تعالى: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا).
وهل المسؤولية الأخلاقية عقوبتها في الدنيا والآخرة؟
٭ عقوبتها في الآخرة، اما في الدنيا فليس لها عقوبة شرعية ظاهرة سوى تأنيب الضمير واستهجان الشرع الحنيف الا ما دون منها واعترف بها قضائيا، ونستخلص من ذلك ان المسؤولية الاخلاقية للانسان الصالح للمؤاخذة والمساءلة عنها والملزم بتبعاتها المختلفة تجاه استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ما علاقة المسؤولية القانونية بالمسؤولية الشرعية؟
٭ الإنسان مسؤول قانونيا عن استيفائه لاستحقاقات المسألة القانونية وهو مصطلح قانوني يضاهي مصطلح المسؤولية الشرعية القانونية وهو مصطلح قانوني يضاهي مصطلح المسؤولية الشرعية في الشريعة الاسلامية، ويمكن اعتبار انه ليست كل الانتهاكات القانونية اعمال شائنة اخلاقيا، وليست كل الاعمال الشائنة اخلاقيا شائنة قانونيا، مع ضرورة إمعان النظر في السلوكيات الاخلاقية الاسلامية المؤسسة للمسؤولية الاخلاقية لمستخدمي الذكاء الاصطناعي والنظر في المسؤولية الشرعية التي تترتب على مخالفتها عقوبات يحددها القاضي او السلطان او الشارع.
ما عقوبة الجرائم او الافعال الضارة المتعلقة بتقنية الذكاء الاصطناعي وهي جرائم جديدة في أنواعها؟
٭ هناك جرائم تتم عن طريق الذكاء الاصطناعي جديدة في انواعها ومعهودة في بعضها الآخر، إلا ان المعهودة منها استجدت لها صور في زمن التطور التكنولوجي، ولا يقف الامر عند الجرائم التي يدخل في المسؤولية الشرعية التي تستوجب التعزير في السلوكيات التي جعل النظام العام للدولة لها نمطا تشريعيا ويندرج ايضا في عقوبة التعزير مستويات الضمان في حال العمد او القصاص او الديات او الأروش في حال العفو او الحدود في حال سقوطها بالشبهة او بعد رجوع المرتد حين الاستتابة إن رأى الحاكم في ذلك مصلحة.
متى تستوجب عقوبة التعزير؟
٭ تستوجب عقوبة التعزير التي تصدر من اجل المسؤولية الشرعية لمستخدمي الذكاء الاصطناعي مما تستوجب عموما في معايير صياغة عقوبة التعزير بأن يكون الباعث حماية المصالح الاسلامية مثل الجرائم التي تسيء لسمعة الإسلام او المصالح العامة كترويج الاباطيل الكاذبة او دعم الإرهاب الإلكتروني او ما شابه ذلك أو حتى كشف اسرار مقدرات الدولة وأن تكون العقوبة حاسمة لمادة الشر او مخففة له والا يترتب عليها ضرر اكبر والا يكون فيها إهانة للكرامة الانسانية، وان تكون هناك مناسبة بين العقوبة والجريمة بحسب جنسها ومدى الضرر الحاصل للجرائم الالكترونية المتعلقة بتقنية الذكاء الاصطناعي وان ينظر بالقياس الى المصلحة والمفسدة والاركان والشروط للعقوبات الحدية والأمارات العامة للشريعة الاسلامية ودائرة الحلال والحرام فيها وقياسها على هذه المعايير بعد ذلك سنجد الثمرة في بيان العقوبة التعزيرية المخصوصة للوقائع المعينة.
ما نصيــحتكم لتحقيق المسؤولية الشرعية؟
٭ أوصــــي بإنشـــاء حقل علمي يتعلق بتاريـــخ الذكاء الاصطناعي ويكون سجلا يقيد فيه تطور هذه التقنية التي ليس لها ثبات لإمكانية دراستها من الجوانب الأخرى الشرعية والقانونية. كمــا انصح بعقد النقاشات العلمية وإنشاء الحقول المتعلقة بالدراســات المستقبلية ودعوة الباحثين الى دراسة دخول المسؤولية الشرعية في التعاريف المعيارية والمستقبلية، ومخاطبة الباحثين الشرعيين لتوجيه النظر إلى مسألة جديدة نسبيا وهي الصياغة التوليدية للضوابط الشرعية، وضرورة عمل دراسة ميدانية سلوكية لمستخدمي الذكاء الاصطناعي، مع عمل دراسة معمقة في مجال استخدامه، على وجه الخصوص جرائم الجناية على النفس وما دونها، وأوصي بعقد الندوات والمؤتمرات التي تتعلق بوضع معايير لصياغة ضوابط الاستعمال الشرعي والتبحر في الصور والتحديات التي تكتنف هذه التقنية، فضلا عن دراسة المسؤولية الشرعية دراسة شمولية وأخرى تفصيلية لتعم الفائدة.