اعتبرت الأمم المتحدة أمس أن «الهجمات القاتلة» على مدنيين حول مواقع لتوزيع المساعدات في قطاع غزة، تشكل «جريمة حرب»، فيما دقت المستشفيات ناقوس الخطر جراء عدم تمكنها من تقديم الخدمة العلاجية لعشرات المصابين.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في بيان قرأه متحدث باسمه خلال مؤتمر صحافي في جنيف «الهجمات القاتلة على مدنيين يائسين يحاولون الحصول على كميات زهيدة من المساعدات الغذائية في غزة غير مقبولة».
وتابع تورك «الهجمات الموجهة ضد مدنيين تشكل خرقا جسيما للقانون الدولي وجريمة حرب». وأضاف «لليوم الثالث على التوالي، قتل أشخاص حول مركز توزيع مساعدات تديره مؤسسة غزة الإنسانية، أبلغنا بمقتل وإصابة العشرات».
وقال تورك «يواجه الفلسطينيون أصعب الخيارات: إما الموت جوعا أو المجازفة بأن يقتلوا أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء الشحيح الذي توفره آلية المساعدة الإنسانية الإسرائيلية المسلحة».
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إن كل هجوم وقع قرب مراكز المساعدات «يجب أن يخضع لتحقيق فوري ونزيه». وأكد أن «المسؤولين يجب أن يحاسبوا».
وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان جيريمي لورنس خلال إحاطة إعلامية في جنيف أمس إن حصيلة الشهداء في الأول من يونيو بلغت 32 فلسطينيا وفي اليوم الثاني قتلت قوات الاحتلال ثلاثة آخرين، أما أمس فتم تسجيل 27 شهيدا إضافيا على الاقل في مكان توزيع المساعدات الإنسانية من (منظمة غزة الإنسانية) المدعومة من قوات الاحتلال والولايات المتحدة الأميركية.
وأضاف «نحن نتحدث عن أخطر الجرائم في القانون الدولي المتمثلة في العرقلة المتعمدة للوصول إلى الغذاء وغيره من الإمدادات الأساسية للحياة والتهجير القسري والقتل المتعمد للمدنيين والتهديد بالمجاعة والتدمير الواسع النطاق وهي في مجملها من شأنها أن ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية».
في الاثناء، ذكرت وزارة الصحة في غزة، في بيان، أن الجيش الإسرائيلي قتل 27 فلسطينيا على الأقل وأصاب أكثر من 90 آخرين، بينما كان الضحايا يتجمعون في منطقة تعرف بـ «دوار العلم» غرب رفح في انتظار الحصول على مساعدات غذائية.
وفي بيان شديد اللهجة، اتهم إسماعيل ثوابتة مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسرائيل والولايات المتحدة بتحويل مراكز المساعدات إلى «مصائد موت جماعية»، ووصف المشروع بأنه «واجهة إنسانية لجرائم إبادة ممنهجة».
وقال ثوابتة إن ما يسمى بمراكز التوزيع «تقام في مناطق مكشوفة وخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي، وتستدرج إليها حشود المدنيين الجائعين ليفتح عليهم النار عمدا»، مضيفا أن هذه المراكز تدار أمنيا من قبل إسرائيل وشركة أمنية أميركية ولا تخضع لأي رقابة إنسانية مستقلة.
وطالب الأمم المتحدة ومجلس الأمن بـ«التدخل الفوري لوقف هذا النموذج الدموي من توزيع المساعدات، وفتح المعابر الرسمية أمام الجهات الدولية المحايدة لتأمين الإغاثة».
من جهتها، قالت حركة حماس إن ما حدث في رفح هو «جريمة إبادة جماعية متعمدة»، ووصفت الآلية المشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة بأنها «أداة إذلال وتجويع وقتل ممنهج تستهدف كسر كرامة الفلسطينيين ودفعهم نحو التهجير القسري».
وتواجه هذه الآلية لتمرير المساعدات انتقادات متزايدة من منظمات إغاثة، بينها «أطباء بلا حدود»، التي قالت في بيان إن «مراكز التوزيع ليست آلية إنسانية، وغالبية الناس لا يحصلون على شيء». وأضاف البيان أن «التوجه إلى هذه النقاط بات يعني الذهاب إلى الموت».
وأكد أن النظام الصحي في غزة على شفا الانهيار، وأن 60% من القطاع أصبح مناطق إخلاء، مضيفا أن الوضع يدفع المنظمة إلى مراجعة عملها بالكامل في غزة.
هذا، ووجهت بلدية مدينة غزة نداء عاجلا لتوفير الآليات والوقود، محذرة من شلل شبه تام يهدد بتوقف الخدمات الأساسية بالمدينة، في حين دعا مسؤولون بقطاع الصحة إلى ضرورة إنقاذ ما تبقى من المستشفيات لتتمكن من تقديم الخدمات الطبية للسكان.
وقالت بلدية غزة إن الاحتلال دمر 134 آلية، أي ما يعادل نحو 80% من عدد الآليات التابعة للبلدية، مؤكدة عدم توافر الوقود والزيوت بشكل دائم لتشغيل الآليات والمرافق الخدمية.
وناشدت بلدية غزة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ضرورة التدخل العاجل وتوفير الاحتياجات الإنسانية الطارئة، ومساعدة البلدية في الحد من الكارثة الخطيرة التي تعيشها المدينة.
من جهتها، أفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد تقويض وخنق المنظومة الصحية من خلال عمليات الإخلاء للمناطق التي توجد بها المستشفيات ومراكز تقديم الرعاية الطبية.
وأضافت أن الإخلاءات الأخيرة بمحافظة خان يونس تشكل تهديدا مباشرا لإخراج مجمع ناصر الطبي عن الخدمة، مما يهدد حياة عشرات المرضى والجرحى.
وفي السياق ذاته، قال مدير مجمع ناصر الطبي د.عاطف الحوت - في تصريحات لقناة الجزيرة- إن خروج المجمع عن الخدمة سيكون بمنزلة حكم بالإعدام على جميع المرضى.
كما أوضح أن خروج المجمع عن الخدمة هو مسألة وقت، مناشدا العالم للحفاظ عليه.
بدوره، قال مدير المستشفيات الميدانية في قطاع غزة د. مروان الهمص إن مجمع ناصر الطبي لا يستطيع معالجة تدفق عشرات المصابين، داعيا المواطنين إلى التبرع بالدم لمعالجة العدد الكبير من المصابين.
وفي سياق مواز، دعا بنك الدم في مجمع ناصر للتبرع بالدم بشكل عاجل، بسبب الحاجة الكبيرة لوحدات الدم، نتيجة تزايد أعداد الإصابات جراء تصاعد حجم المجازر على رفح وخان يونس.