أطلق الجيش الإسرائيلي عملية برية واسعة في قطاع غزة، غداة تأكيده تكثيف الضربات الجوية على القطاع الفلسطيني المحاصر الذي باتت المستشفيات العامة في شماله «خارج الخدمة»، فيما شددت واشنطن على أنها لن تسمح بحدوث أزمة إنسانية بغزة في عهد الرئيس دونالد ترامب.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أمس أن قواته «بدأت عملية برية واسعة في شمال وجنوب قطاع غزة ضمن افتتاح العملية العسكرية عربات جدعون»، وذلك رغم دخول مفاوضات وقف إطلاق النار مرحلة وصفت بالحاسمة.
في غضون ذلك، قال المبعوث الأميركي للشرق الاوسط ستيف ويتكوف: «لا نريد أن نرى أزمة إنسانية جديدة في قطاع غزة ولن نسمح بحدوثها في عهد الرئيس ترامب». وأضاف ويتكوف في تصريحات لشبكة «إيه بي سي» الإخبارية الاميركية أمس إن «الوضع في غزة معقد للغاية لوجستيا. والظروف على أرض الواقع هناك خطيرة للغاية».
ونوه بوجود العديد من المبادرات لإدخال المساعدات إلى القطاع، لافتا إلى أنه «ليس هناك اختلاف في موقف الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو من مسألة إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة».
وشدد المبعوث الأميركي للشرق الاوسط على أن «الجميع قلقون بشأن الأوضاع الإنسانية في القطاع».
وكانت اسرائيل قد أبدت انفتاحا على اتفاق ينهي القتال في غزة، فيما قتل وأصيب عشرات الفلسطينيين بينهم أطفال نتيجة الغارات الإسرائيلية، بينما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) أن «جميع المستشفيات العامة» في شمال القطاع باتت خارج الخدمة جراء الحرب المتواصلة منذ أكثر من 19 شهرا، وذلك غداة إعلان جيش الاحتلال توسيع هجومه رغم الدعوات الدولية المتزايدة لوقف إطلاق النار والتحذير من الوضع الانساني المتدهور. وألمح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن إسرائيل مستعدة لـ«إنهاء القتال» كجزء من اتفاق لوقف إطلاق النار، بشرط إقصاء «حماس» وجعل غزة منزوعة السلاح.
وقال مكتب نتنياهو في بيان أمس «يعمل فريق التفاوض في الدوحة لاستنفاد كل فرصة من أجل التوصل إلى اتفاق، سواء وفقا لخطة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف أو كجزء من إنهاء القتال»، مشددا على أن الاتفاق يجب أن يشمل: الافراج عن كل الرهائن وإقصاء حركة «حماس» من القطاع وجعل غزة منطقة منزوعة السلاح.
ميدانيا، تواصل إسرائيل غاراتها العنيفة على مناطق مختلفة في غزة، وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في القطاع محمود بصل لوكالة فرانس برس إن طواقمه «نقلت 50 شهيدا على الأقل، أكثر من نصفهم من الأطفال جراء سلسلة من الغارات الإسرائيلية العنيفة في مناطق مختلفة في قطاع غزة».
وأشار إلى «نقل 50 شهيدا على الأقل وأكثر من 100 مصاب جراء قصف جوي إسرائيلي لعدد من خيام النازحين في منطقة المواصي» غرب مدينة خان يونس جنوبي غزة.
وأظهرت لقطات بثتها وكالة فرانس برس من مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط غزة جثثا بأحجام متفاوتة وضع على بعضها أغطية بينما لفت أخرى بأكفان، ممدة على أرض تغطيها بقع الدماء.
وفي ظل تكثيف إسرائيل عمليتها العسكرية، أعلنت وزارة الصحة في غزة أن «جميع المستشفيات العامة» في محافظة شمال القطاع باتت خارج الخدمة. وقالت إن «تكثيف محاصرة الاحتلال للمستشفى الأندونيسي ومحيطه ومنع وصول المرضى والطواقم والإمدادات الطبية أخرجت المستشفى الأندونيسي عن الخدمة». وأضافت «جميع المستشفيات العامة بمحافظة شمال غزة خارجة عن الخدمة».
وإلى جانب المستشفى الإندونيسي، يوجد في شمال قطاع غزة مستشفيان آخران عامان، هما: مستشفى كمال عدوان ومستشفى بيت حانون، بحسب بيان وزارة وزارة الصحة في غزة.
وأكدت الوزارة «استشهاد اكثر من 100 فلسطيني بينهم أطفال ونساء اضافة إلى صحافيين جراء سلسلة وغارات أحزمة نارية شنتها مقاتلات الاحتلال الاسرائيلي على منازل سكنية وخيام للنازحين شمال وجنوب القطاع».
وقالت في بيانها إن الاحتلال الإسرائيلي كثف بالتزامن مع ذلك من استهداف ومحاصرة المستشفى الاندونيسي شمال القطاع ما أدى إلى اصابة اثنين من المرضى أثناء محاولتهم الخروج من المستشفى.
وأضافت ان محاصرة المستشفى تمنع وصول الجرحى مع تزايد ما يتعرض له شمال قطاع غزة من مجازر بحق المدنيين داعية جميع الجهات المعنية إلى التدخل بشكل عاجل لتوفير الحماية للطواقم الطبية والمرضى والجرحى داخل المستشفى.
وفي سياق متصل، قال شهود عيان لـ «كونا» ان اعنف الغارات التي شنها جيش الاحتلال استهدفت خيام النازحين بمنطقة «المواصي» في خان يونس جنوب القطاع ما أدى إلى استشهاد عشرات النازحين بينهم نساء وأطفال ورضع وحرق خيامهم.
كما أكد الشهود في شمال القطاع ان الغارات استهدفت منازل سكنية وتجمعات لمواطنين حيث قام الاحتلال بتفجير (روبوتات) مفخخة في مربعات سكنية وأحدثت أصوات انفجارات عنيفة سمع دويها في أرجاء مدينة غزة والمحافظة الشمالية.
وأشاروا إلى أن فرق الإسعاف والدفاع المدني عاجزة عن الوصول إلى جميع مناطق الاستهدافات لخطورة الأوضاع وقلة إمكاناتها.
من جهتها، اتهمت حركة «حماس» في بيان إسرائيل بارتكاب «جريمة وحشية جديدة» من خلال تكثيف القصف على مناطق عدة في القطاع. وأضافت «تتحمل الإدارة الأميركية بمنحها حكومة الاحتلال الإرهابي غطاء سياسيا وعسكريا مسؤولية مباشرة عن هذا التصعيد الجنوني واستهداف المدنيين». ويشن الجيش الاسرائيلي ضربات مكثفة وسط إرسال قوات للسيطرة على مناطق في غزة، واضعا ذلك في إطار المراحل الأولية لما اطلق عليها اسم عملية «عربات جدعون»، التي تتضمن توسيع العمل العسكري في القطاع غزة «بهدف تحقيق كل أهداف الحرب، بما فيها إطلاق سراح الرهائن وهزيمة حماس»، حسبما أعلن إعلان الجيش الاحتلال.