اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن أسرع طريق لإنهاء المعاناة الإنسانية في غزة هو «استسلام» حركة المقاومة الفلسطينية الإسلامية (حماس)، بينما تتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل لإنهاء الحرب والسماح بإدخال المزيد من المساعدات إلى القطاع الفلسطيني المدمر.
وكتب ترامب عبر شبكته الخاصة للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال» أمس قائلا إن «أسرع طريق لإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة هو استسلام حماس وإطلاق سراح الرهائن».
وذلك في وقت أجرى مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف مباحثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وذلك ضمن زيارة للمنطقة تستهدف إنقاذ محادثات وقف إطلاق النار في غزة وسط الضغوط الدولية المكثفة على إسرائيل التي تزيد عزلتها الديبلوماسية، بسبب حربها الشرسة على القطاع، وإعلان المزيد من الدول أنها ستعترف بدولة فلسطين.
وفرضت الولايات المتحدة الخميس عقوبات على مسؤولين في السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينيتين، متهمة إياهما باتخاذ خطوات «لتدويل نزاعهما مع إسرائيل»، بحسب بيان لوزارة الخارجية الأميركية.
كما اتهمتهما واشنطن بـ «مواصلة دعم الإرهاب، بما في ذلك من خلال التحريض على العنف وتمجيده»، مشيرة إلى أن العقوبات تتمثل في رفض منح التأشيرات لأعضاء منظمة التحرير والسلطة الفلسطينيتين.
من جهة اخرى، قال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول إن إسرائيل تزداد عزلة على الصعيد الديبلوماسي بسبب الأزمة الإنسانية في قطاع غزة وفي ظل دفع بعض الدول نحو الاعتراف بدولة فلسطين.
وأكد فاديفول في بيان قبيل زيارته إلى المنطقة أن مؤتمر الأمم المتحدة الأخير حول تنفيذ حل الدولتين، يظهر أن «تل ابيب تجد نفسها بشكل متزايد ضمن الأقلية».
وأشار إلى أنه «في ظل التهديدات العلنية من جانب بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية بضم الضفة الغربية، فإن عددا متزايدا من الدول الأوروبية بات مستعدا للاعتراف بدولة فلسطينية من دون مفاوضات مسبقة».
وأكد فاديفول موقف برلين من أن «الاعتراف بدولة فلسطينية يجب أن يأتي في نهاية» عملية تفاوضية.
لكنه شدد على ان «هذه العملية يجب أن تبدأ الآن»، مؤكدا أن «ألمانيا ستضطر أيضا إلى الرد على أي خطوات أحادية» من جانب إسرائيل.
وطالب وزير الخارجية الألماني بأن تسهل إسرائيل دخول المزيد المساعدات إلى القطاع «فورا وبشكل شامل ومستدام» من أجل التخفيف من الوضع الإنساني «الدراماتيكي» هناك.
وأوضح أن عمليات الإغاثة الجوية «لا يمكن أن تحل مكان» الإمدادات البرية للمساعدات، وقال «فقط عبر البر يمكن إيصال المساعدات بالكميات اللازمة إلى السكان» مضيفا أن ألمانيا تعمل على إعادة فتح الطريق البري «بشكل عاجل».
من جانبها، دعت السويد الاتحاد الأوروبي إلى تجميد الشق التجاري من اتفاقية الشراكة مع إسرائيل بسبب حربها المدرة على قطاع غزة.
وكتب رئيس الوزراء السويدي أولف كريتسرسون على حسابه الرسمي عبر منصة «اكس» أمس «الوضع في غزة مروع جدا وإسرائيل تمتنع عن الالتزام بواجباتها الأساسية والاتفاقات بشأن المساعدات الطارئة. من هذا المنطلق، تطالب السويد الاتحاد الأوروبي بتجميد الشق التجاري في اتفاقية الشراكة في أسرع وقت ممكن».
ودعا كريتسرسون الحكومة الإسرائيلية إلى السماح «بدخول المساعدات الإنسانية من دون عوائق إلى غزة».
وضع كارثي لا يحتمل
وخلص تقرير للمفوضية الأوروبية في نهاية يونيو الماضي إلى أن إسرائيل تنتهك بندا من اتفاقية الشراكة التي تربطها بالتكتل القاري، في مجال حقوق الإنسان. وتدرس المفوضية الأوروبية منذ ذلك الحين ردها بهذا الخصوص وتناقش خيارات عدة، منها: حظر بعض الصادرات ومراجعة سياسة منح التأشيرات وغيرها.
بدورها، طالبت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مكالمة هاتفية بإتاحة وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة «بشكل كامل ودون عوائق»، بحسب ما أعلنت روما.
وقال مكتب ميلوني في بيان إن رئيسة الوزراء الإيطالية شددت على مسامع نظيرها الإسرائيلي على «ضرورة الوقف الفوري للأعمال العدائية، بالنظر إلى الوضع في غزة الذي وصفته بأنه لا يحتمل وغير مبرر».
وأضاف أن «المحادثة شكلت أيضا فرصة للتأكيد مجددا على ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل ودون عوائق إلى السكان المدنيين».
اعتراف «تاريخي» ورفض إسرائيلي
من جانب آخر، أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أن بلاده تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر المقبل، في قرار سارعت إسرائيل إلى إدانته، بينما اعتبره الرئيس الفلسطيني محمود عباس «تاريخيا».
وقال كارني خلال مؤتمر صحافي في أوتاوا إن هذا التحول في موقف أوتاوا مدفوع بقناعة رئيسية بأهمية حل الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني المستمر منذ عقود.
وانتقد رئيس الوزراء الكندي «فشل إسرائيل المستمر» في منع وقوع كارثة إنسانية في غزة، وكذلك توسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية. وبذلك تسير كندا على خطى كل من فرنسا وبريطانيا اللتين أعلنتا مؤخرا نيتهما الاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ورحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بقرار كندا. ونقلت عنه وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) أنه «ثمن الموقف الكندي التاريخي (...) الذي سيعزز السلام والاستقرار والأمن في المنطقة».
وقال قصر الإليزيه في بيان «يسعدنا أن نتمكن من العمل مع كندا لإحياء آفاق السلام في المنطقة. سنواصل جهودنا من أجل أن ينضم آخرون إلى هذا الزخم في إطار التحضيرات للجمعية العامة».
في المقابل، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان إن تل ابيب «ترفض إعلان رئيس وزراء كندا. إن تغيير موقف الحكومة الكندية في هذا الوقت هو بمنزلة مكافأة لحماس، ويضر بالجهود الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وإيجاد إطار عمل لإطلاق سراح الرهائن». وانتقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرار مارك كارني محذرا من أنه يعقد المفاوضات مع اوتاوا للتوصل إلى اتفاق تجاري.
وكتب ترامب عبر «تروث سوشيال» ان «كندا أعلنت إنها تدعم دولة فلسطين. سيجعل ذلك التوصل إلى اتفاق تجاري معها صعبا جدا!».
كما أعلن رئيس الوزراء البرتغالي لويس مونتينيغرو أن حكومته ستتشاور مع الرئيس والبرلمان بهدف الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة سبتمبر المقبل.
وقال مونتينيغرو في بيان أمس إن هذا القرار اتخذ بعد «اتصالات متعددة» مع الشركاء، خصوصا مع الأخذ في الاعتبار «التطور المقلق للغاية للنزاع، سواء على المستوى الإنساني أو عبر الإشارات المتكررة إلى ضم محتمل لأراض فلسطينية» من قبل إسرائيل.
حصيلة جديدة لـ «شهداء المساعدات»
جاء ذلك في وقت أفادت مصادر طبية فلسطينية بمقتل ما لا يقل عن 101 في القطاع، من بينهم 81 عند نقاط توزيع المساعدات، وذلك خلال 24 ساعة فقط. ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) عن مصادر طبية قولها أمس إن «حصيلة الشهداء في غزة ارتفعت إلى 60.249 أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023». وأضافت المصادر ذاتها أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 147.089، منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة. وأشارت إلى أنه «وصل إلى مستشفيات قطاع غزة 111 شهيدا، و820 مصابا خلال 24 ساعة». وأوضحت أن «حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 مارس الماضي بعد خرق الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار بلغت 9.081 شهيدا، و35.048 إصابة».